لقد حكومة البندقية موضع إعجاب أصدقائها وأعدائها على السواء؛ وكان أعدائها أنفسهم يرسلون عمالهم يدرسون نظمها وأساليب عملها. وكانت أداتها الحربية تتكون من أقدر أسطول بحري وجيش بري في إيطاليا. فقد كان لها في عام ١٤٢٣، فضلاً عن أسطولها التجاري الذي يستطاع تحويله في وقت الحاجة إلى سفن حربية، عمارة بحرية مؤلفة من ثلاث وأربعين سفينة تساعدها ثلاثمائة سفينة صغرى (٧). وكانت هذه السفن تستخدم في الحروب التي تقوم بها القوات البرية في إيطاليا؛ فقد حدث في عام ١٤٣٩ أن جرت هذه السفن على الأرض فوق بكرات كبار تخطت بها الجبال والسهول حتى أنزلت في بحيرة جاردا Garda ومنها أطلقت نيرانها على أملاك ميلان (٨). وبينما كانت غيرها من الدول الإيطالية تستخدم في حروبها جنود مرتزقة، أنشأت البندقية لها جيشاً مجنداً من أهلها المخلصين الأوفياء، المضرسين المدربين على القتال، المسلحين بأحدث أنواع البنادق والمدافع. أما قواد الجيش فقد كانت تعتمد في الحصول عليهم على المغامرين الذين تمرسوا على أساليب النهضة في الكر والفر. وسمت البندقية في حربها مع ميلان بمواهب ثلاثة من أشهر هؤلاء المغامرين هم فرانتشيسكو جرمنيولا، وإرزمو دا نارني Erasmo da Narni المعروف باسم جتاميلانا Gattamelata، وبارتولميو كليوني؛ وقد أشتهر الثاني والثالث من هؤلاء بقوانينهما التاريخية، كما أشتهر أولهم بأن رأسه قطع في ميدان البندقية الصغير بتهمة دخوله في مفاوضات مع العدو.
وكانت هذه الحكومة، التي حاولت المدن الأخرى محاكاتها حتى