للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[أريتينو]

١٤٩٢ - ١٥٥٦

وكأن الأقدار أرادت أن تخلد ذكرى عام ١٤٩٢ فقدرت أن يولد بيترو أريتينو، المنكل بالأمراء، وأمير المبتزين المغتصبين، كما قدرت أن يخرج إلى العالم في يوم الجمعة الحزينة من ذلك العام. وكان والده حذاء فقيراً في أرتسو لا نعرف من اسمه إلا لوكا Luca. وسمي بيترو في الوقت المناسب، كما كان يسمى كثيرون غيره من الأيطاليين، باسم مسقط رأسه فصار أريتينو. وكان أعداؤه يصرون على أن أمه كانت عاهراً؛ ولكنه كان ينكر ذلك ويقول إنها كانت فتاة حسناء تدعى تيتا Tita يتخذها المصورون نموذجاً لرسم صورة العذراء، غير أنها في ساعة من الاستهتار حملت بييترو وهي في أحضان عشيق عارض ولكنه نبيل يدعى لويجي باتشي Luigi Bacci. ولم يكن أريتينو يعبأ بأنه نغل، لأن له زملاء ممتازين من هذا الصنف من الناس، كذلك لم يكن أبناء لويجي الشرعيون يغضبهم أن يسميهم بيترو، بعد ان ذاع صيته، اخوته. لكن أباه كان هو لوكا.

ولمما أتم الثانية عشرة من عمره شرع يعمل لكسب عيشه، فاشتغل مساعد مجلد كتب في بيروجيا؛ وهناك درس الفن دراسة تكفي لأن تجعله فيما بعد نقاداً وخبيراً ممتازاً. ورسم هو بعض الصور الملونة. واتفق أن كانت في أشهر ميادين بيروجيا صورة دينية يعزها أهل المدينة ويجلونها، تمثل صورة مجدلية خاشعة عند قدمي المسيح. فما كان من أريتينو في إحدى الليالي إلا أن رسم عوداً في أحضان مجدلية فحول بذلك دعاءها إلى أغنية. ولما استشاطت المدينة غضباً من هذه الفعلة الطائشة، تسلل بيبرو من بيروجيا وأخذ يطوف في إيطاليا، فعمل خادماً في روما، ومغنيا في شوارع