من الأرز" (٤٤). وكانوا يكدحون ولكنهم لا يسرعون في عملهم، فلم تكن ثمة آلة معقدة تدفعهم إلى العمل سراعاً أو تنهك أعصابهم بضجيجها وخطرها وسرعتها. ولم يكن لهم أيام راحة في آخر الأسبوع ولا أيام آحاد، ولكن كانت لهم أيام إجازات وأعياد كعيد رأس السنة وعيد الفوانيس تتيح للعامل فرصة يستريح فيه من عناء كدحه ويخفف فيها بالمسرحيات والأساطير ما في سائر فصول السنة من اكتئاب. فإذا ما ولى الشتاء بزمهريره ووجهه الكالح ولانت تربة الأرض بما سقط عليها من مطر الربيع بعد أن ذاب ما تراكم عليها من ثلج الشتاء، خرج الفلاحون مرة أخرى ليزرعوا حقولهم الضيقة، ويغنوا في مرح وحب أغاني الأمل التي انحدرت إليهم من ماضيهم السحيق.
[٢ - في المتاجر]
الحرف اليدوية - الحرير - المصانع - الطوائف -
الحمالون - الطرق والقنوات - التجار - الائتمان والنقود -
تجارب في العملة المتداولة - التضخم الناشئ من الطباعة
وازدهرت الصناعة في تلك الأيام ازدهاراً لم ير له مثيل في كافة أنحاء الأرض قبل القرن الثامن عشر. فمهما تتبعنا تاريخ الصين إلى ماضيه السحيق وجدنا الحرف اليدوية منتشرة في البيوت والتجارة رائجة في المدن.
وكانت أهم الصناعات الأساسية هي صناعة النسيج وتربية دود القز لاستخراج خيوط الحرير. وكانت كلتا الحرفتين تقوم بها النساء في أكواخهن أو بالقرب منها. وكان غزل الحرير من الحرف القديمة في البلاد وترجع بدايتها في الصين إلى الألفي السنة السابقة لميلاد المسيح (١). وكان الصينيون يطعمون
(١) لقد كان اليونان والرومان الأقدمون يعرفون طريقة غزل الحرير المستخرج من شرانق ديدانه البرية؛ أما صناعة تربية الدود وجمع الحرير ونسجه فقد جاء بها الرهبان النساطرة من الصين إلى أوربا حوالي عام ٥٢٢ م (٤٦). وانتقلت هذه الصناعة في القرن الثاني عشر من القسطنطينية إلى صقلية ثم انتقلت إلى إنجلترا في القرن الخامس عشر.