أتاح له ثراؤه كل الفرص، ولم تتح له سلطته أي انضباط. أنه لمنظر محزن حقاً-منظر رجل لامع الذكاء، سمح الرأي، يكافح لإصلاح ما أفسده في فرنسا تعصّب الملك العظيم، ثم يترك الأهداف السامية تغرق في سكر لا معنى له، ويضيّع الحب في دوامة من الفسق.
كانت فترة الوصاية، من الناحية الأخلاقية، أشد الفترات خزياً وعاراً في تاريخ فرنسا. فالدين الذي كان نافعاً في القرى جلب على نفسه العار في القمة لأنه شرّف رجالاً من أمثال دبوا وتنسان، ففقد بذلك احترام الفكر الذي أطلق عقاله، وقد حظي الذهن الفرنسي بحرية نسبية، ولكنه لم يستخدمها لنشر الذكاء الرحيم المتسامح بقدر ما استخدمها لإطلاق الغرائز البشرية من ضوابط الهيمنة الاجتماعية التي تتطلبها الحضارة، ونسيت الإرتيابية فلسفة أبيقور، وانصرفت إلى اللذات الأبيقورية (أي الحسية). ولقد كانت الحكومة فاسدة، ولكنها حفظت السلام فترة كفت للسماح لفرنسا بأن تفيق من عهد مدمر، عهد الفخامة والحرب. وقد انهار "نظام" لو وانتهى بالإفلاس، ولكنه أعطى الاقتصاد الفرنسي حافزاً قوياً. وشهدت تلك السنوات الثمان انتشار التعليم المجاني، وتحرر الأدب والفن من الوصاية والسيطرة الملكيتين؛ لقد كانت سنوات "الإبحار إلى سيتيرا"، و "جيل بلاس" و "أوديب" و "رسائل موتسكيو الفارسية". ولقد زجت الوصاية بفولتير في السجن، ولكنها أعطته من الحرية والتسامح ما لن يعرفه أبداً في فرنسا حتى في ساعة انتصاره وموته.
[٩ - فولتير والباستيل]
١٥١٧ - ١٥٢٦
في مذكرات سان-سيمون فقرة مميزة تصف شاباً محدثاً أثار ضجيجاً كثيراً أيام الوصاية: