وانضوت جماعات لا عدد لها تحت لواء الحرب مدفوعة إلى هذا بمغريات جمة: منها أن كل من يخر صريعاً في الحرب قد وعد بأن تغفر له جميع ذنوبه، وأذن لأرقاء الأرض أن يغادروا الأراضي التي كانوا مرتبطين بها، وأعفى سكان المدن من الضرائب، وأجلت ديون المدينين على أن يؤدوا فائدة نظير هذا التأجيل، وتوسع البابا في سلطاته توسعاً جريئاً فأطلق سراح المسجونين، وخفف أحكام الإعدام عن المحكوم عليهم بها إذا خدموا طوال حياتهم في فلسطين، وانضم آلاف من المتشردين إلى القائمين بهذه الرحلة المقدسة؛ وأقبل كثيرون من الأتقياء المخلصين ليخلصوا الأراضي التي ولد فيها المسيح ومات، منهم رجال سئموا الفقر الذي كانوا يعانونه، والذي ظنوا أن لا نجاة لهم منه، ومنهم المغامرون التواقون إلى الاندفاع في مغامرات جريئة في بلاد الشرق، ومنهم الأبناء الصغار الذين يرجون أن تكون لهم إقطاعيات في تلك البلاد، ومنهم التجار الذين يبحثون عن أسواق لبضائعهم، والفرسان الذين غادر أرضهم أرقاؤها فأصبحوا لا عمل لهم، ومنهم ذوو النفوس الضعيفة الذين يخشون أن يرميهم الناس بالجبن وخور العزيمة. ونشطت الدعامة المألوفة في الحروب فأخذت تؤكد الاضطهاد الذي يلقاه المسيحيون في فلسيطن، والمعاملات الوحشية التي يلقونها على أيدي المسلمين، والأكاذيب عما في العقيدة الإسلامية من زيغ وضلال؛ فكان المسلمون يرصفون بأنهم يعبدون تمثالاً للنبي محمد (٧)؛ وأخذ الثرثارون "الأتقياء" يقولون: إن النبي قد