للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[تنشئة لورندسو]

لم يكن ضعف صحة بيرو خافياً على كوزيمو، ولهذا بذل كل ما في وسعه ليعد لورندسو للإطلاع بواجبات الحكم. وكان الغلام قد درس اللغة اليونانية على جوانس أرجير وبولس Joannes Argyropoulos، والفلسفة على فتشينو، وتعلم وتربى عن غير قصد بالاستماع إلى حديث الحكام، والشعراء، والفنانين، والكتاب الإنسانيين. وتعلم كذلك فنون الحرب، ونال وهو في التاسعة عشرة من عمره الجائزة الأولى في مباراة للفروسية قامت بين أبناء الأسر الكبيرة في فلورنس «بفضل شجاعته لا محاباة» لأسرته (٢). وكان منقوشاً على درعه من تلك المباراة شعار فرنسي معناه «سيعود الزمان» Le temps revient، وهو شعار يصح أن يكون شعار النهضة. وكان قد عمد في هذه الأثناء إلى كتابة المقطوعات الغنائية بإسلوب دانتي وبترارك، وإذا كان لا بد له أن يتبع التقاليد السائدة في ايامه فيكتب في الحب، فقد أخذ يبحث في الأسر الشريفة عن سيدة يتصبب فيها بشعره، حتى وقع اختياره على لكريدسيا دوناتي Lucrezia Donati وأخذ يتغنى بجميع فضائلها ما عدا عفتها التي كانت موضع اسفه، فقد يبدو أنها لم تسمح له بأكثر من عواطف قلمه. ورأى بيرو أن الزواج هو العلاج الشافي من داء العشق، فأقنع الشاب بأن يتزوج كلارتشي أرسيني Clarice Orsini (١٤٦٩) ، وبهذا استطاع ان يعقد حلفاً بين آل ميديتشي وبين واحدة من اقوى أسرتين من روما. وأقام آل ميديشتي بهذه المناسبة ولاءً لأهل المدينة كلهم دامت ثلاثة أيام متوالية، وأستهلك فيها خمسة آلاف رطل من الحلوى.