إن أهم ما يعنينا في مصر البطالمة هو تجربتها الواسعة في الاشتراكية الدولية. لقد كانت ملكية الأرض من زمن بيد عادة مقدسة في مصر، وكان لفرعون، بوصفهِ ملكاً وإلهاً، حق كامل على الأرض وعلى كل ما تنتجه. ولم يكن الفلاح عبداً، ولكنه لم يكن يستطيع أن يترك مكانه إلا بإذن الحكومة، وكان يُطلب إليه أن يورد الجزء الأكبر من محصوله إلى الدولة (٦). وأبقى البطالمة على هذا النظام ووسعوا نطاقه باستيلائهم على الأراضي الواسعة التي كانت في عهد الأسر الحاكمة السابقة ملكاً للأعيان المصريين أو للكهنة. وكانت هيئة بيروقراطية كبيرة من الموظفين الحكوميين، يؤيدها حراس مسلحون، تدير شؤون أرض مصر كلها كأنها مزرعة حكومية ضخمة (٧). وكان هؤلاء الموظفون يعينون لكل زارع تقريباً قطعة الأرض التي ينبغي له أن يزرعها، والمحصولات التي يجب أن ينتجها؛ وكان في وسع الدولة أن تجنده هو ودوابه للعمل في المناجم، وإقامة المباني العامة، والصيد، وشق قنوات الري، وإنشاء الطرق. وكانت محصولاته تكال بمكاييل حكومية؛ ويدون الكتبة مقدارها، وتُدرس في أجران الملك، ويحملها الفلاحون أنفسهم إلى مخازن الملك (٨). وكان يُستثنى من هذا النظام بعض حالات: فقد كان البطالمة يجيزون للفلاح أن يمتلك بيته وحديقته، ويجيزون الملكية الخاصة في الحواضر، ويؤجرون قطعاً من الأرض للجنود يكافئونهم بها على ما قدموا للدولة من خدمات. ولكن هذه الأراضي المستأجرة كانت مقصورة في العادة على المساحات التي يوافق صاحبها على أن يخصصها للكروم، أو البساتين، أو أشجار الزيتون؛ ولم يكن