"دي لا نترسول" (عبارة عن طابق مسروق بين الطابق الأرضي والطابق الذي فوقه، في دار الراهب، حيث كان يجتمع نحو عشرين من رجال السياسة والقضاء والحكم والأدب ليتدارسوا شئون الساعة، دينية أو سياسية وكان بولنجبروك هو الذي جاء بهذا الاسم فأدخل لفظة CLUB إلى اللغة الفرنسية، وهناك شرح الراهب دي سانت بيير برامجه للإصلاح الاجتماعي والسلام الدائم، مما أزعج الكاردينال فليري فأمر بفض النادي في ١٧٣١. وبعد ذلك بثلاث سنوات أسس أيضاً أنصار جيمس الثاني اللاجئون من إنجلترا في باريس أول دار فرنسية للبنائين الأحرار (الماسونيين)، كانت ملجأ للربوبيين، ووكراً للدسائس السياسية، وأصبحت منفذاً للنفوذ الإنجليزي ومهدت الطريق للفلاسفة.
إن الرجال والنساء، وقد أصابهم الضجر والسأم من الكدح والنصب في أعمالهم اليومية كانوا يقصدون زرافات ووحداناً إلى المتنزهات وقاعات الرقص والمسارح وفرق الموسيقى والأوبرا، وأولع الأثرياء بالصيد والقنص والبرجوازيون بالنزهات الخلوية. وكانت غابة بولونيا والشانزلزيه وحدائق التويرلري وحدائق لكسمبرج وحديقة النباتات أو حديقة الملك، كما كانوا يسمونها آنذاك-أماكن مفضلة للتنزه في المركبات أو مشياً على الأقدام، ولقاء العشاق وعروض عيد الفصح. أما إذا لزم الناس بيوتهم فإنهم كانوا يتسلون بالألعاب المنزلية والرقص والموسيقى والتمثيليات الخاصة. وكان كل إنسان يرقص. وكان "البالية" قد أصبح فناً ملكياً معقداً. ظفر الملك فيه بنصيب من حين إلى حين. وكان راقص الباليه مثل كامارحو أو لاجوسان معبود الجماهير في المدينة ومشتهى أصحاب الملايين.
[٤ - الموسيقى]
كانت الموسيقى في فرنسا قد انحطت منذ تفوق للي على موليير في تسلية الملك الأعظم فلم يكن هنا في فرنسا هذا الجنون أو الولع الشديد بالموسيقى الذي أدى بإيطاليا إلى نسيان إذلالها أو خضوعها السياسي، ولا التفاني الشديد في أساليب التلحين، الذي أوجد القداسات الضخمة والألحان الموسيقية