لبثت الكتابة ضئيلة القدر جداً في التعليم الهندي حتى القرن التاسع عشر ويجوز أن يكون مرجع ذلك إلى أن الكهنة لم يكن في صالحهم أن يجعلوا النصوص المقدسة أو الاسكولائية سرًّا مكشوفاً للجميع (٦)؛ أما التعليم فقد كان له نظام قائم تراه في تاريخهم مهما أوغلت في ماضيه (٧)، وكان يتولاه رجال الدين ويفسحون مجاله في أول الأمر لأبناء البراهمة وحدهم، ثم أخذوا على مرّ الزمن يوسّعون من نطاقه بحيث يشمل طبقة بعد طبقة، حتى نراه اليوم لا يستثني من الناس أحداً فيما عدا طبقة المنبوذين؛ ولكل قرية هندية معلمها يُنْفَق عليه من الرصيد العام وكان في البنغال وحدها - قبل مجيء البريطانيين - حوالي ثمانين ألفاً من المدارس الأهلية - مدرسة لكل أربعمائة نفس من السكان (٨) وربما كانت نسبة التعليم في ظل "أشوكا" أعلى منه اليوم في الهند (٩).
كان الأطفال يذهبون إلى مدرسة القرية من سبتمبر إلى فبراير، ويدخلونها في سن الخامسة ليتمُّوها في سن الثامنة (١٠) وكان التعليم ذا صبغة دينية غالبة كائناً ما كان موضوع الدراسة، وكانت الطريقة المألوفة هي الحفظ على ظهر القلب، ولم يكن لأحد مفرٌّ من حفظ نصوص الفيدات، ويشتمل منهج التعليم على القراءة والكتابة والحساب، لكنها لم تكن الهدف الأساسي للتعليم؛ وكان الخلق أجدر عندهم بالاعتبار من الذكاء، والنظام هو جوهر التعليم في المدارس؛ نعم إننا لا نسمع في تاريخهم شيئاً عن ضرب التلاميذ أو ما شابه ذلك من صارم الوسائل التأديبية، لكننا نجد أكثر اهتمامهم منصباً قبل كل