وفي أعلى المدن الأيونية الاثنتي عشرة تقوم المدن الإيولية الاثنتا عشرة في الأرض القارية، التي يسكنها الإيوليون والآخيون الذين وفدوا من شمالي بلاد اليونان، بعد أن افتتحت آسية الصغرى للمهاجرين اليونان عقب سقوط طروادة. وكانت كثرة هذه المدن الصغيرة، وكان شأنها في التاريخ صغيراً كذلك. غير أن جزيرة لسبوس كانت تنافس المراكز الأيونية في الثروة، والرقي، والعبقرية الأدبية. وكانت تربة أرضها البركانية قد جعلتها جنة حقة من البساتين والكروم؛ وكانت متليني أكبر مدائنها الخمس، وكانت تجارتها سبباً في ثرائها العظيم الذي لا يكاد يقل عن ثراء ميليتس، وساموس، وإفسوس. وتحالفت طبقات التجار فيها مع مواطنيها الفقراء في أواخر القرن السابع، وانتزعوا الحكم من طبقة الملاك الأشراف وعينوا بتاكوس Bitacus الشجاع الفظ حاكماً بأمره مدة عشرة سنين، ووضعوا في يديه من القوة مثل ما كان في يدي صديقه وزميله الحكيم صولون. وأخذ الأشراف يأتمرون ليستعيدوا سلطانهم، ولكن بتاكوس رد كيدهم في نحرهم، ونفى زعمائهم، ومنهم ألكيوس Alcaeus وسافو، فأخرجهم أولاً من متليني ثم من لسبوس نفسها آخر الأمر.
وكان ألفيوس ثائراً صخاباً، خلط السياسة بالشعر، فكانت كل قصيدة من قصائده مثاراً للفتنة والثورة. وكان شريف المحتد، وهاجم بتاكوس بكل ما في اللغة من بذاءة استحق عليها النفي من البلاد. وقد اصطنع هو بحوره الشعرية التي أسماها من جاءوا بعده "ألفيوس"؛ ويقال لنا إن كل مقطوعة في شعره كانت لها نغمتها الجميلة وسحرها. وقد غنى بعض الوقت في الحرب،