في عام ١٥٣٠ وفي مدينة بولونيا عرَف أريتينو شارل الخامس بتيشيان. وكان الإمبراطور وقتئذ منهمكاً في إعادة تنظيم إيطاليا فجلس إلى تيشيان ليصوره وهو قلق نافذ الصبر، ودهش الفنان حين لم يعطه إلا دوقة واحدة (دولاراً ونصف دولار). فما كان من فيديريجو دوق مانتوا إلا أن نفح الفنان من جيبه الخاص بهبة سخية قدرها ١٥٠ دوقة تكملة لأجره. وما لبث الدوق في أثر في شارل أقنعه برأيه هو في تيشيان. ثم التقى الفنان والإمبراطور مرة أخرى في عام ١٥٣٢، وفي خلال الأعوام الستة عشر التالية رسم تيشيان طائفة مدهشة من الصور للإمبراطور: رسم شارل في عدته الحربية الكاملة (١٥٣٢ وقد ضاعت)؛ ورسمه في سترة موشاة بالقصب، وصدارة مطرزة، وسروال قصير أبيض، وجورب وحذاء، وقلنسوة سوداء، تعلوها ريشة بيضاء غير ملائمة لها (١٥٣٣؟)؛ ورسمه مع الإمبراطورة إزبلا (١٥٣٨)؛ ورسمه في حلة من الزرد براقة على جواد وائب، في واقعة موهلبرج Muhlberg (١٥٤٨) - بلغت الذروة في جمال اللون والافتخار؛ ورسمه في ثياب سود، جالساً جلسة المفكر في إحدى الشرفات (١٥٤٨). ومما يذكر بالفضل للمصور والمليك على السواء أن هذه الصور لا تحاول قط أن تجعل من موضوعها مثلاً أعلى إلا من حيث الملبس؛ فهي تكشف عن ملامح شارل غير الجذابة، وعن إهابه غير الحسن، وعن روحه المكتئبة، وعن بعض المقدرة على القسوة؛ ومع هذا فإنها تظهر الإمبراطور رجلاً ثقيل الأعباء، عظيم السلطان، ذا عقل بارد جامد، أخضع نصف أوربا لسلطانه. لكنه رغم ذلك يستطيع أن يكون رحيماً، وأن يكفر