بل شادوا لأنفسهم فوق ذلك بيوتاً فخمة، فكانت تلك البيوت في إنجلترا من أول ما بني من البيوت بالحجارة. وكان بين اليهود أغنياء وفقراء على الرغم من قول إلعزر:"الناس كلهم أكفاء عند الله-النساء والعبيد، والأغنياء والفقراء"(٧١). وحاول رجال الدين أن يخففوا الفقر، وأن يمنعوا الاستغلال الجشع للمال بوضع عدة نظم اقتصادية مختلفة، فأخذوا يؤكدون ما على الجماعة من تبعات لجميع أفرادها، وخففوا آلام الشدائد بالصدقات المنظمة؛ نعم إنهم لم ينددوا بالغنى، ولكنهم أفلحوا في رفع مكانة العلم حتى سلوت مكانة الثراء؛ ووسموا الاحتكار والائتمار على التحكم في الأسعار بميسم الخطايا (٧٢). وحرموا على بائع الأشتات أن يكسب أكثر من سدس ثمن الجملة (٧٣)؛ وكانوا يراقبون الموازين والمقاييس، ويحددون أقصى الأثمان وأقل الأجور؛ لكن كثيراً من هذه النظم. قد عجزت عن تحقيق الغرض المقصود منها، لأن رجال الدين لم يستطيعوا فصل حياة اليهود الاقتصادية عن حياة جيرانهم في البلاد الإسلامية أو المسيحية، ووجد قانون العرض والطلب في السلع والخدمات له طريقاً ينفذ منها حول جميع التشريعات.
[٣ - الأخلاق]
وحاول الأغنياء أن يكفروا عن ثرائهم بالصدقات الكثيرة، فكانوا يقرن يما على الثراء من واجبات اجتماعية، ولعلهم أيضاً خافوا ثورة الفقراء أو لعنهم فلم يعرف قط أن يهودياً مات من الجوع وهو يعيش في بيئة يهودية (٧٥). ومن بداية القرن الثاني المسيحي كان مشرفون رسميون يفرضون في فترات محددة على كل فرد من أفراد العشيرة اليهودية مهما يكن فقيراً أن يكتتب بشيء من ماله "لصندوق العشيرة" الذي يعني بالشيوخ، والفقراء، والمرضى، وبتعليم اليتامى وزواجهم. وكانت واجبات الضيافة تقدم بالمجان وبخاصة للعلماء الجائلين. وفي