بروز لسير جون باستون الثاني أنها تحبه، وأنها تأسف، لأن الصداق، الذي تستطيع أن تقدمه له، أقل بكثير من مكانته، "ولكن إن كنت تحبني، كما أثق أنك حقاً كذلك، فإنك لن تتركني لهذا السبب" وهو الذي آلت إليه ثروة آل باستون، فيتزوجها على الرغم من اعتراض أهله، ويموت في غضون سنتين. وهكذا نجد قلوباً رقيقة، تحت السطح الجافي لهذا العصر المضطرب.
[٧ - الإنسانيون الإنجليز]
يجدر بنا ألا ندهش من أن وفرة الدراسة للكلاسيات في إيطاليا لعهد كوزيمو ولورنزو دي مدتشي، لم تثر إلا صدى ضئيلاً في إنجلترا، التي كان تجارها لا يعبأون بالأدب إلا قليلاً، والتي كان نبلاؤها لا يخجلون من أميتهم على الرغم من ثرائها. ورأى السير توماس مور: في مطلع القرن السادس عشر أن أربعين في المائة من الشعب الإنجليزي فقط يستطيعون القراءة. وكانت الكنيسة، والجامعات التي تسيطر عليها، هي التي ترعى الدارسين وحدها. وإلى إنجلترا يرجع الفضل في أن رجالاً أمثال جروسيني وليناكر ولانيمير وكوليت: استطاعوا، في هذه الظروف، وتحت وطأة الحرب المدمرة الضارية، أن يقتبسوا من الشعلة الإيطالية: وأن يحملوا قدراً كافياً من ضوئها وحرارتها إلى إنجلترا، فيجعل ذلك رجلاً مثل أرازمس الحكم الفيصل في الأدب يشعر بأنه في وطنه عندما هبط الجزيرة عام ١٤٩٩. ووقف الإنسانيون أنفسهم، على دراسة الثقافتين الوثنية والمسيحية على السواء، فأنكرتهم قلة غير ناضجة من "الطرواديين" الذين خافوا أن تأتي هؤلاء اليونان "بالنفائس من إيطاليا، ولكنهم وجدوا من يدافع عنهم بشجاعة ومن يصادقهم بين أكابر رجال الكنيسة، أمثال وليم الوينفليتي، أسقف ونشستر ووليم ورهام رئيس أساقفة كانتربري وجون فيشر، أسقف