بينما كان هذا مشتبكاً في حرب مع النمسا (١٧٥٦)(٢٠)، وترك إدارة الإمبراطورية لزوجته. على أنه في الأمور الزوجية كان يتشبث بحقوقه، وقد أنجبت له الإمبراطورة التي أحبته رغم خياناته ستة عشر طفلاً (٢١). وربتهم في محنة وصرامة، وأكثرت من تعنيفهم، وأعطتهم من جرعات الفصيلة والحكمة ما جعل ماري أنطوانيت تبتهج بالفرار إلى فرساي، أما يوزف فكان يتسلى بالفلسفة. ودبرت الخطط بمهارة لتحصيل على مراكز مريحة لأبنائها الآخرين، فجعلت ابنتها ماريا كارولينا ملكة على نابلي، وابنتها ليوبولد دوقاً أكبر لتسكانيا، وأبتها فرديناند حاكما على لمبارديا. وكرست نفسها لإعداد ولدها البكر يوزف للاضطلاع بالتبعات الجسام التي ستخلفها له، وراقبت في قلق تطوره أثناء التعليم والزواج، وزعزع الفلسفة وخطوب الحب، حتى أتى الوقت الذي رفعته في نشوة من المحبة والتواضع وهو في الرابعة والعشرين ليتربع بجوارها على عرش الإمبراطورية.
[٣ - يوزف في مرحلة النمو]
١٧٤١ - ١٧٦٥
كانت قد وكلت اليسوعيين بتعليمه، ولكنها في سبق لأفكار روسو طلبت أن يعلم كما لو كان يلهو. (٢٢) فلما ناهز الرابعة شكت من أن "ولدي يوزف لا طاقة له على الطاعة"(٢٣) ولا غرور فالطاعة ليست لهواً. ذكر السفير البروسي حين كان يوزف في السادسة "لقد كون فكرة مغرورة عن منصبه" ولجأت ماريا تريزا إلى التهذيب وفرض التقوى، ولكن الصبي وجد الطقوس الدينية مملة، وأنكر الأهمية التي يعلقها الناس على العالم فوق الطبيعي. فحسبه العالم الذي يعيش فيه ويرث جزءاً منه. وما لبث أن سئم إتباع العقائد السنية وأكتشف ما في فولتير من فتنة. وفيما عدا ذلك لم يكن يهتم اهتماماً يذكر بالأدب، ولكنه شغف بالعلوم والاقتصاد والتاريخ والقانون الدولي. ولم يتخلص قط مع الزمن من غطرسة صباه