كانت المركبات ذات العجلات محرمة في رومة أثناء النهار من عهد قيصر إلى كومودس؛ وكان الناس وقتئذ يمشون أو يحملهم العبيد في كراسي أو هوادج، أما المسافات الطويلة فكانوا يقطعونها على ظهور الخيل أو في مركبات تجرها الجياد، وكان متوسط ما تقطعه المركبات العامة نحو ستين ميلاً في اليوم. وقد اجتاز قيصر مرة ثمانمائة ميل في ثمانية أيام، واجتاز الرسل الذين حملوا إلى جلبا في أسبانيا نبأ وفاة نيرون ٣٣٢ ميلاً في ست وثلاثين ساعة؛ وقطع تيبيروس في ثلاثة أيام واصل فيها السير راكباً ليلاً ونهاراً ستمائة ميل ليكون إلى جوار أخيه ساعة وفاته. وكان البريد العام الذي ينقل في العربات أو على ظهور الخيل في ساعات النهار والليل جميعها يسير بسرعة يبلغ متوسطها مائة ميل في اليوم. وكان أغسطس قد أنشأه على غرار نظام البريد الفارسي، لأنه وجد ألا غنى له عنه في تصريف شئون الإمبراطورية. وكان يطلق عليه لفظ البريد العام لأن مهمته هي خدمة المصلحة العامة بنقل الرسائل الرسمية. أما الأفراد فلم يكونوا يستطيعون الانتفاع به إلا في ظروف قليلة وبتصريح خاص تصدره الحكومة ويسمى دبلوما أي "مطويا مرتين" يبيح لحامله بعض الامتيازات، ويمكنه من الاتصال في الطريق ببعض أصحاب المقامات لدبلوماسية الكبيرة. وكان ثمة وسيلة أخرى للاتصال أسرع من هذه الوسيلة، وهي طريقة إرسال الرسائل بمصابيح مرفوعة على أعمدة ترسل إشارات بالضوء من نقطة إلى نقطة؛ وبهذا البرق البدائي عرفت رومة المضطربة القلقة نبأ وصول السفن التي تحمل الحبوب إلى بمبي. أما الرسائل غير الرسمية فكان ينقلها رسول خاص، أو ينقلها التجار أو الأصدقاء المسافرون. ولدينا من الشواهد ما يوحي