للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[تبدل أحوال رومة]

ونمت الإمبراطورية الرومانية نمواً تدريجياً، ولم يكن معظم هذا النماء نتيجة خطة موضوعة عن قصد وتدبير، بل كان الدافع إليه ضغط الظروف وترتجع الحدود تراجعاً يتطلبه سلامة البلاد. فقد أخضعت الفيالق الرومانية مرة أخرى بلاد غالة الجنوبية في معركتي كرمونا Cremona (٢٠٠) وموتينا (١٩٣)، ودفعت حدود إيطاليا الشمالية حتى أوصلتها إلى جبال الألب. كذلك كان لابد لرومه أن تحتفظ بسيطرتها على أسبانيا بعد أن استعادتها من قرطاجنة كيلا تعود هذه إلى الاستيلاء عليها، هذا إلى ما في تلك البلاد من ثروة معدنية عظيمة تشمل الحديد والفضة والذهب. وقد فرض عليها مجلس الشيوخ جزية سنوية باهظة من المعادن الغفل والنقود، وكان حكامها الرومان يعوضون أنفسهم تعويضاً سخياً عن السنة التي يقضونها فيها بعيدين عن موطنهم. وحسبنا أن نذكر دليلاً على هذا أن كونتس منوسيوس Quintus Minucius، لما عاد إلى رومه بعد فترة قصيرة قضاها قنصلاً في أسبانيا، جاء إليها بأربعة وثلاثين ألفاً وثمانمائة رطل وخمسة وثلاثين ألف دينار من الفضة؛ وكان الأسبان يجندون في الجيش الروماني فكان منهم أربعون ألفاً في القوة التي استولى بها سبيو إيميليانوس Scipio Aemilianus على نومانتيا Numantia الأسبانية. ولما ثارت على الحكم الروماني ثورة عنيفة في عام ١٩٥ ق. م أخضعها ماركس كاتو Marcus Cato ولكنه جرى في إخضاعها على سنة الرومان الأفاضل الذين كان جيلهم آخذاً في الانقراض، فكان عادلاً رحيماً. ووفق تيبيريوس سمبرونيوس جراكس Tiberius Sempronius Gracchus (١٧٩) توفيقاً مشوباً بالعطف والرأفة بين