أيحسن بنا-ونحن مقيدون بحدودنا المقررة-أن نترك جوته معلقاً عند هذه النقطة، وعلى قلمه فاوست وفي شيخوخته الحكمة، أم أن نلاحق هذا الأولمبي-الذي لا يكف عن التطور-إلى نهايته، مقلبين الصحائف مضحين بالوقت؟ "إن الحكمة السرمدية تجذبنا إلى العلا". (١)
في ١٤ أكتوبر ١٨٠٦ هزم نابليون البروسيين في يينا. وكان الدوق كارل أوجست، المتحالف مع بروسيا، قد قاد جيشه الصغير ضد الفرنسيين في تلك المعركة. ودخل الأحياء المدحورون فايمار، وأعقبهم الغالبون الجياع، فنهبوا المحال واحتلوا بيوت الناس. واستولى ستة عشر جندياً الزاسياً على بيت جوته، وأعطتهم كرستيانة الطعام والشراب والفراش. في تلك الليلة اقتحم البيت جنديان آخران ثملا بالخمر، فلقد افتقدا الأسرة في الطابق الأسفل، صعدوا عدة إلى حجرة جوته، ولوحا بسيفهما في وجهه، وطالباه بمكان للنوم، ووقفت كرستيانة حائلاً بين الجنديين ورفيقها، وأقنعنهما بالخروج ثم ارتجت الباب. وفي الخامس عشر من الشهر وصل نابليون إلى فايمار وأعاد النظام إلى نصابه، وصدرت التعليمات بعدم إزعاج "الأديب الكبير" وبضرورة اتخاذ جميع الإجراءات لحماية جوته العظيم وبيته. (٢) ومكث معه المارشالات لأن ونيه وأوجروا برهة ثم رحلوا معتذرين مجاملين. وشكر جوته كرستيانة على شجاعتها وقال لها "إن أذن الله سنكون زوجاً وزوجة" وفي ١٩ أكتوبر تزوجا. أما أمه الطيبة التي احتملت في حب جميع مثالبه، وفي تواضع جميع مفاخره، فقد جددت بركاتها لهما. ثم ماتت في ١٢ سبتمبر ١٨٠٨، وورث جوته نصف تركتها.