والعصيان، ويبدو أن كل شيء يتجه إلى ثورة كبرى في الدين والحكومة معاً (١٠٩)".
أو كما قالت خليلة الملك الجديدة "من بعدي الطوفان".
[٦ - مدام دي بمبادور]
هي من أشهر النساء في التاريخ، وأوتيت من الرشاقة والجمال ما أعمى أبصار معظم الرجال عن آثامها وخطاياها، ومع ذلك وهبت من قوة الذهن ما مكنها لمدة عقد زاهر من السنين، من أن تحكم فرنسا وتحمي فولتير وتنقذ موسوعة ديدرو، مما أدى بالفلاسفة إلى القول بأنها تنتسب إليهم. ومن العسير أن ننظر إليها في الصورة التي رسمها لها بوشيه دون أن نفقد نزاهة المؤرخ في الافتتان بالإنسان. فهل كانت دي بمبادور إحدى روائع الطبيعة، أو إحدى روائع بوشيه فحسب؟
وكانت قد بلغت الثامنة والثلاثين حين رسمها، وكانت صحتها الهزيلة تتدهور، ولم يحط من قدرها بالحسية أو الشهوانية السطحية في صوره العارية المشرقة. وبدلاً من ذلك أبرز تقاطيع وجهها الرائعة، ورشاقة قوامها، والذوق في ملابسها. والرقة الناعمة في يديها، "وتسريحة" شعرها الخفيف الأسمر عالياً فوق الجبين. وربما زاد من قيمة هذه المفاتن بخياله ومهارته، ولكنه مع ذلك لم ينقل ضحكتها المرحة المستهترة، ولا ريحها الوديعة، بل لم ينقل ذكاءها الحاد الماكر ولا قوة شخصيتها الهادئة، ولا صلابة إرادتها التي لا تلين ولا ترحم أحياناً.
وكانت جميلة منذ ولادتها تقريباً. ولكنها لم تحسن اختيار والديها، فكان عليها أن تناضل طوال حياتها ضد ازدراء الأرستقراطية للطبقة الوسطى التي نبتت فيها. وكان والدها سماناً (بقالاً)، وهو فرانسوا بواسون الذي لم يستطع يوماً أن يتخلى من اسمه (بواسون بالفرنسية معناها سمك). واتهم بالاختلاس فحكم عليه بالإعدام شنقاً، ولكنه هرب إلى همبرج، وتحايل للحصول على العفو عن جريمته، وعاد إلى باريس