"يتصاعد دخاناً"(كما قال جوته فيما بعد) تحت لمسة هذا الكاهن البولندي. وأجبر الفلك القائل بمركزية الشمس الناس على أن يتصوروا الخالق من جديد في صورة أقل ضيقاً في الأفق وأقل تجسداً، وواجه اللاهوت أقوى تحد في تاريخ الدين. ومن ثم كانت الثورة الكوبرنيقية أشد عمقاً من حركة الإصلاح البروتستنتي، فقد جعلت الفروق بين العقائد الكاثوليكية والبروتستنتية تبدو تافهة، وتخطت حركة الإصلاح البروتستنتي إلى حركة التنوبر، من أرزمس ولوثر إلى فولتير، وحتى إلى ما بعد فولتير، إلى لا أدريه القرن التاسع عشر المتشائمة، هذا القرن الذي سيضيف الكارثة الداروينية إلى الكارثة الكوبرنيقية. ولم يكن هناك سوى واق واحد من أمثال هؤلاء الرجال، وهو أن قلة قليلة فقط في أي جيل هي التي ستدرك ما ينطوي عليه فكرهم من معان. فسوف "تشرق" الشمس و "تغرب" حين كوبرنيق قد طوى في زوايا النسيان.
في عام ١٥٨١ أقام الأسقف كرومر نصباً تذكارياً لكوبرنيق على السور الداخلي لكاتدرائية فراونبورج بجوار قبر الكاهن. وفي عام ١٧٤٦ أزيل النصب ليفسح مكاناً لتمثال للأسقف زمبك. فمن هو هذا الأسقف؟ من يدري؟.
[٣ - ماجلان وكشف الأرض]
تقدم ارتياد الأرض بخطى أسرع من رسم خريطة السماء، وكان لهذا التقدم تقريباً نفس التأثيرات المزعجة على الدين والفلسفة. أما الجيولوجيا فكانت أقل من غيرها تقدماً، لأن نظرية الخلق كما وردت في الكتاب المقدس أصبحت في مأمن من الشك بفضل الإيمان بمصدرها الإلهي. قال المصلح الإيطالي-الإنجليزي بيتر مارتر فرميلي "لو شاع