الروح - الجسد والعقل والنفس - غاية الفلسفة - تأثير سانخيا
يقول مؤرخ هندي عن هذا المذهب "إنه أبعد المذاهب الفلسفية التي أنتجتها الهند دلالة"(٦٧) ولقد وجد الأستاذ "جارْب" الذي كرّس شطراً كبيراً من حياته لدراسة سانخيا، عزاء لنفسه إذ وجد أن "مذهب كابيلا قد اشتمل لأول مرة في تاريخ العالم استقلال العقل الإنساني وحريته الكاملتين، وثقته التامة بقدراته"(٦٨) وهو أقدم المذاهب الستة (٦٩) ولعله أقدم مذهب فلسفي (١) ولسنا ندري شيئاً عن "كابيلا" نفسه، سوى أن الرواية الهندية تزعم - في استهتار بدقة التواريخ كالذي تراه عند التلميذ الناشئ - تمجيداً له، أنه مؤسس فلسفة سانخيا في القرن السادس قبل الميلاد (٧١).
يجمع "كابيلا" في شخصه الواقعية والاسكلائية، وهو يبدأ كلامه بما يكاد يشبه أقوال الأطباء، إذ يضع قاعدة في أول حكمه يسوقها، وهي "أن انعدام الألم انعداماً تاماً … هو أكمل غاية ينشدها الإنسان"، وهو يرفض الاكتفاء بمحاولة الإنسان اجتناب الألم بوسائل جسمانية، ويدحض بشعوذة منطقية آراء الباحثين في الموضوع واحداً واحداً؛ ثم يأخذ بعد ذلك في تكوين مذهبه الميتافيزيقي الخاص به، في سلسلة من "السوترات" المقتضبة الغامضة؛ وهو يسرد في سانخيا أنواع الحقائق وهي خمس وعشرون، ومن هذا السرد للأنواع جاءت كلمة سانخيا (لأن معناها السرد) وهو يسمي هذه الحقائق
(١) أقدم ما بقي لنا من مدوناته، وهو "سانخيا - كاريكا" الذي كتبه الشارح "إشفارا كرشنا" لا يرجع تاريخه إلا إلى القرن الخامس الميلادي؛ و "سانخيا سوترا" الذي كان ينسب إلى "كابيلا" لا يرجع تاريخه إلى ما قبل القرن الخامس عشر غير أن أصول المذهب يرجح أنها أسبق من البوذية نفسها فالنصوص البوذية وماهابهاراتا كثيراً ما تشيران إليه، ويقول "ونترْ ِنتز" إنه يرى آثاره في فيثاغورس.