أخطأتم في تقرير أمر من الأمور. فإذا سألنا عنه قال الرجال:"وما شأنكن أنتن والمسألة عن هذا؟ اصمتن". وسألنا "كيف يحدث يا زوجي أن تسير الأمور بهذه السخف على أيدي الرجال؟ ". ويجيب زعيم الرجال بقوله إن النساء يجب أن يبتعدن عن شئون الدولة، لأنهن عاجزات عن تصريف شئون الخزانة العامة. (وتتسلل بعض النساء في أثناء هذا النقاش إلى أزواجهن وهن يتمتمن بحجج من نوع حجج أرسطوفان). وترد ليسسترا على ذلك بقوله:"وكيف لا يستطعن؟ فطالما دبرت الزوجات شئون أزواجهن المالية لخيرهم ولخيرهن". وتبدي من الحجج القوية ما يقنع الرجال آخر الأمر بعقد مؤتمر من الدول المحاربة، ويجتمع مندوبو هذه الدول، وتهيئ لهم ليسسترا كل ما يستطيعون أن يشربوه من الخمر. وسرعان ما تلعب الخمر برؤوسهم فيوقعون المعاهدة التي طال انتظارها. ويختم المنشدون المسرحية بنشيد مدح السلم.
[٢ - أرسطوفان والمتطرفون]
يرى أرسطوفان أن انحلال الحياة الأثينية العامة يرجع إلى شرين أساسيين هما الديمقراطية والخروج على الدين. وهو يتفق مع سقراط في أن سيادة الأمة قد انقلبت فأصبحت سيادة السياسيين؛ ولكنه كان واثقاً من أن تشكك سقراط، وأنكساغورس والسوفسطائيين قد ساعد على انحلال عرى الروابط الخلقية التي كانت في الزمن القديم عاملاً قوياً في تدعيم النظام الاجتماعي والاستقامة الفردية. وقد سخر أشد السخرية من الفلسفة الجديدة في مسرحية السحب. وخلاصتها أن رجلاً من الطراز القديم يدعى استربسياديز Stripsiades كان يبحث عن حجة يبرر بها التنصل من ديونه، فيغتبط إذ يسمع أن سقراط يدير متجراً للتفكير، يستطيع كل إنسان أن يتعلم فيه كيف يثبت كل ما يريد إثباته ولو كان خاطئاً. ويتخذ الرجل طريقة إلى مدرسة "المفكرين الأشداء"، ويرى