بدأ إنعتاق اليهود الأوروبيين أول ما بدأ في فرنسا لأنها كانت رائدة في تحرير العقول ولأن حركة التنوير قد عوّدت نسبة كبيرة من الراشدين على تفسير التاريخ تفسيراً غير ديني (تفسيراً علمانياً Secular) . والبحوث المتعلقة بالكتاب المقدس تظهر المسيح (عليه السلام) كداعية محبوب مؤمن باليهودية لكن الفريسيِّين Pharisees هم الذين عادوْه. والأناجيل نفسها تظهر آلاف اليهود يستمعون إليه بسرور وأن الآلاف منهم قد استقبلوه بترحاب عند دخول القدس. فكيف إذن يُعاقب شعب كامل عبر آلاف السنين لجريمة حَبْر كبير وحِفْنة مختلطة من الناس طالبوا بموته؟
لقد بقيت عداوات وخصومات اقتصادية غذّت قلقاً طبيعياً وخوفاً مرتقباً في وجود أحاديث غريبة وأزياء أو ملابس غير مألوفة، بل لقد انهار هذا الاتجاه المناهض لليهودية فلويس السادس عشر لم يواجه مقاومة شعبية في إزاحته الضرائب التي كانت تثقل كاهل اليهود على نحو خاص، وميرابو Mirabeau في مقاله الذي زاوج فيه بين المنطق والأسلوب اللاذع قد دعا إلى انعتاق اليهود انعتاقاً كاملا (١٧٨٧) وفاز الراهب الفرنسي جريجوار Abbe Gregoire بجائزة من الجمعية الملكية للعلوم والآداب في ميتز Metz في سنة ١٧٨٩ لمبحثه الذي حمل عنوان البعث اليهودي المادي والأخلاق والسياسي.
وبدا أن النتيجة المنطقية الوحيدة لإعلان حقوق الإنسان قد تحققت عندما مدّت الجمعية التأسيسية في ٢٧ سبتمبر سنة ١٧٩١ مظلة الحقوق المدنية كاملة لتشمل كل يهود فرنسا. وأعطت جيوش الثورة الحرية السياسية ليهود هولندا في سنة ١٧٩٦ ويهود البندقية (فينيسيا) سنة ١٧٩٧ ويهود مينز Mainz في سنة ١٧٩٨ وسرعان ما أقرت المدوّنة القانونية النابليونية ذلك بشكل تلقائي وجرى تطبيقها في كل المناطق التي فتحها نابليون.
وقد تعامل نابليون نفسه مع القضية بالروح المعتادة للجندي الذي يحتقر التجّار، فعندما توقف في ستراسبورج في يناير سنة ١٨٠٦ أثناء عودته بعد خوضه معركة أوسترليتز