يعد الدين من كثير من الوجوه أكثر أساليب الإنسان طرافة لأنه آخر ما تفسر به الحياة، وهو سبيله الوحيدة لاتقاء الموت. وليس في تاريخ العصور الوسطى كله ما هو أعظم أثراً في النفس من الدين، فإنك تراه في كل مكان، ويكاد يكون أعظم القوى في تلك العصور. وليس من السهل على من يعيشون الآن منعمين تتوافر لهم جميع حاجاتهم أن يدركوا حق الإدراك، ما كان في تلك العصور من فوضى وعوزهما اللذان شكلا عقائد الناس في خلالها. ولكن من واجبنا أن ننظر إلى ما كان عند المسيحيين واليهود من خرافات، وأسرار خفية، ووثنية، وسذاجة، وسلامة طوية، نقول إن من واجبنا أن ننظر إلى هذا كله بنفس العطف الذي يجب أن ننظر به إلى عنائهم، وفقرهم، وأحزانهم، وإن فرار الآلاف المؤلفة من الرجال والنساء من "الدنيا، واللحم، والشيطان" إلى أديرة الرجال والنساء ليوحي إلينا بما كان يسود ذلك الوقت من اضطراب، واختلال أمن، وعنف أوفت على الغاية أكثر مما يوحي بجبن أولئك الفارين وخور عزيمتهم. وبدا أن من البداءة أن لا سبيل إلى السيطرة على الدوافع البشرية