عبيدها وأرقاء أرضها، فقد علت عنق العبيد والأرقاء في بعض الأحيان أصعب في أملاك الكنيسة منه في أملاك غيرها (١٤). غير أن الكنيسة مع هذا خطت خطوات متزايدة في تقييد تجارة الرقيق، وذلك بتحريم استرقاق المسيحيين في الوقت الذي كانت المسيحية سريعة الانتشار.
ولم يكن اضمحلال نظام الاسترقاق ناشئاً عن ارتقاء الأخلاق، بل كان نتيجة تطورات اقتصادية. فقد تبين أن الإنتاج الذي يؤدي إليه القسر الجسماني المباشر أقل ربحاً وأشد صعوبة من الإنتاج الذي يكون الحافز عليه هو الرغبة في التملك. ولقد ظل الاسترقاق قائماً وكانت كلمة Servus اللاتينية تطلق على العبيد وعلى رقيق الأرض، ولكن هذا اللفظ تطور مع الزمن واستحال إلى كلمة serf لرقيق الأرض، كما تطورت كلمة villein ومعناها رقيق الأرض فأصبحت villain ومعناها الآن "وغد"، وكما تطورت كلمة Slav ومعناها صقلبي إلى كلمة Slve أي العبد. ولقد كان رقيق الأرض لا العبد هو الذي يصنع الخبز لعالم العصور الوسطى.
[٢ - رقيق الأرض]
الأصل في رقيق الأرض أنه رجل يفلح مساحة من الأرض يمتلكها سيد أو بارون يؤجرها له طول حياته ويبسط عليه حمايته العسكرية ما دام يؤدي له أجراً لها سنوياً من الغلات أو العمل أو المال، وكان في وسع هذا المالك أن يطرده منها متى شاء (١٥)، وإذا مات لا تنتقل الأرض إلى أبنائه إلا بموافقة المالك ورضائه. وكان من حق هذا المالك في فرنسا أن يبيع الرقيق مستقلاً عن الأرض بثمن يعادل أربعين شلناً (حوالي ٤٠٠؟ ريال أمريكي)؛ وكان مالكه أحياناً يبيعه (أي أنه يبيع عمله) مجزءاً بعض لشخصه وبعضه لآخر؛ وكان في وسع هذا الرقيق في فرنسا أن يحل العقد الإقطاعي إذا أسلم الأرض وكل ما يملك إلى سيده؛ أما في إنجلترا فقد حرم من هذا الحق-حق مغادرة الأرض- وكان الذين يفرون