واتجهوا جنوباً نحو جزر كاناري ينشدون الرياح من الشرق قبل أن يواجهوا الغرب. وبعد إقامة طويلة في الجزر أقدموا على السير في خط مواز لخط عرض ثمان وعشرين (٦ سبتمبر) في مكان لا يبعد جنوباً بدرجة تكفي لينعموا بالرياح التجارية ونحن نعلم أنهم لو اتجهوا جنوباً أكثر من ذلك لقصروا المسافة إلى أمريكا وجنبوا أنفسهم ما لاقوه من عناء في طريقهم إليها وكان الطقس لطيفاً وكتب كولومبس في سجل سير السفينة "مثل جو أبريل في الأندلس والشيء الوحيد الذي ينقصنا هو سماع صوت البلابل". واعتراهم القلق ثلاثة وثلاثين يوماً وكان كولومبس يقلل من المخصصات الغذائية التي تصرف لرجاله بنسبة الأميال التي يقطعونها كل يوم ولكن نظراً لأنه بالغ في تقدير سرعته فإن بياناته كانت صحيحة برغم أنفه.
وعندما استمر سكون الرياح غير طريقه وإذ ذاك شعر البحارة، أكثر من أي وقت مضى -بالضياع في خضم البحر وهم يسيرون فيه على غير هدى. وفي التاسع من أكتوبر صعد ربانا السفينتين بنتا ونينيا على ظهر السفينة وطالبا بإلحاح بالعودة فوراً إلى إسبانيا فوعدهما كولمبوس بأنه سيحقق رغبتهما إذا لم يروا الأرض خلال ثلاثة أيام وفي العاشر من أكتوبر تمرد بحارة سفينته ولكنه هدأ من ثورتهم بأن تعهد لهم بنفس الشيء. وفي الحادي عشر من أكتوبر التقطوا من المحيط غصناً أخضر يحمل أزهاراً فعاودتهم الثقة في قائدهم. وفي الساعة الثانية من صباح اليوم التالي والقمر بدر تقريباً صاح روديجودي تريانا القائم بالحراسة (الأرض! الأرض!) أخيراً هاهي الأرض ..