بذلت روما جهدها لكي تكون كريمة في معاملتها لبلاد اليونان، ولت تخفق في هذا الإخفاق كله؛ فهي لم تضع حاميات من الجند في ولاية آخية الجديدة، وكان ما فرضته عليها من الخراج أقل مما كان ينتزعه جباتها من أهلها قبل مجيء الرومان إليها، وتركت روما دول المُدن تحكم نفسها حسب دساتيرها وقوانينها القديمة، وجعلت لكثيرٍ منها: كأثينة، وإسبارطة، وبلاتية، ودلفي وغيرها "مدناً حرّة"، تتمتّع بحقوقها القديمة كلها عدا حقّها في أن تشنّ الحرب الخارجية أو حرب الطبقات.
لكن بلاد اليونان كانت تتحرق شوقاً إلى حرّيتها، كما أن القواد الرومان، والمرابين، ورجال الأعمال الذين حذقوا أساليب شراء غلاّت البلاد بأبخس الأثمان وبيعها بأغلاها، هؤلاء كلّهم قد استنزفوا خيرات البلاد، ومن أجل هذا انضمّت إلى ثورة مثرداتس وعوقبت على انضمامها إليها أشد العقاب، فحوصرت أثينة حصاراً أهلك فيها الحرث والنسل، ونُهبت كنوز هياكل دلفي، وإليس، وإيدورس.
وبعد جيل من ذلك الوقت تقاتل قيصر وبمبي، ثم أنطونيوس وبروتس،