للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مباهج المدنية الفرنسية ورفاهيتها، لتعيش في إسكتلندة التي تصورتها أرض الهمجية والبرودة. وكتبت إلى زعماء الأشراف مؤكدة إخلاصها لإسكتلندة، ولكنها لم تذكر لهم أنها في عقد زواجها، حولت ملك إسكتلندة إلى ملوك فرنسا إذا توفيت دون عقب. وافتتن بها النبلاء، البروتستانت منهم والكاثوليك على حد سواء، ودعاها برلمان إسكتلندة لتتبوأ عرشها. وطلبت إلى إليزابث امتياز المرور بأمان عبر إنجلترا، فرفض طلبها، فأبحرت ماري من كاليه في ١٤ أغسطس ١٥٦١، مودعة فرنسا بالدموع، محدقة في الشاطئ الذي يتراجع من خلفها، حتى لم يبق أمامها شيء إلا البحر.

وبعد خمسة أيام ألقت السفينة مراسيها في "ليث" ثغر أدنبرة واكتشفت ماري اسكتلندة.

[٢ - إسكتلندة]

١٥٦٠ - ١٥٦١

كانت أمة ذات أصول عريقة وأساليب عتيقة، قيدتها الأراضي الجبلية الوعرة في الشمال بنظام إقطاعي، يتحكم فيه أمراء مستقلون تقريباً، يحيون حياة نصف بدائية قوامها الصيد والرعي، واستئجار الأرض القابلة للزراعة. أما الجنوب فقد تميز بأرض منبسطة خصبة بفضل ماء المطر، ولكنها مظلمة معتمة بسبب شتائها الطويل والبرد القارس الذي يشل الحركة. فهنا شعب يكافح ليخلق نظاماً أخلاقياً وحضارياً، من حمأة الأمية واختلاط الأنساب والفساد والتمرد على القانون والعنف، شعب أعمته الخرافات، وإرسال السحرة إلى الإعدام حرقاً، يفتش في عقيدة دينية متشددة عن حياة أقل قساوة ومشقة. ورغبة في موازنة قوة البارونات التي مزقت أوصال البلاد، كان الملوك ساندوا وشجعوا رجال الدين الكاثوليك وأغدقوا عليهم الثروات، مما جرهم إلى الفساد وقبول الرشوة وعدم المبالاة ومعاشرة الخليلات (٤). وتحرق النبلاء لهفاً على ثروة الكنيسة، فانتقصوا من قدر رجال الدين، بملء الوظائف الكنسية بأبنائهم الخبراء بشئون الدنيا، ونادوا بالإصلاح الديني، وجعلوا البرلمان الاسكتلندي الذي تحكموا فيه سيداً للكنيسة والدولة على حد سواء.

وكان الخطر الخارجي أقوى حافز على الوحدة الداخلية. ولم تحس إنجلترا