والقاصر الموضوعة تحت وصاية روبنز ذاته. وفي ١٦٥١ دعاه الأرشيدوق ليوبولد وليم من أنتوب إلى بروكسل ليكون مصور البلاط وأمين المتحف الملكي، وترينا إحدى لوحات تنييه الأرشيدوق والمصور بين صور هذا المتحف (٢). وقد صور في براعة مترددة موضوعات قديمة كالابن الضال (٣) وتجربة القديس أنطونيوس (٤). ولكنه كمعاصريه الهولنديين آثر أن يلتقط داخل إطارات صغيرة حياة الفلاحين، لا هابطاً بهم إلى درك الأنعام كما فعل بيتر بروجن، بل مشاركاً إياهم في رباضتهم وأعيادهم. وأظهرت لوحته "داخل كاباريه" إلمامه بتفاصيل موضوعه (٥)، لكنه كان يستطيع أيضاً أن يرسم المناظر الطبيعية الريفية التي تغير هيئتها سماء لا تكف عن التغير. وقد أحب الضوء كما أحب رمبرانت الظل، والتقطه على فرشاته برقة حساسة لم تفها رقة.
[٢ - الجمهورية الهولندية]
كانت الأقاليم الهولندية السبعة قد توحدت الآن في جمهورية عزيزة ظافرة أثار غناها وتوسعها عجب جيرانها وحسدهم. فهنا أمة شذت على العرف، إذ لم يكن لها ملك، وكانت كل مدينة يحكمها في استقلال تقريباً مجلس من أعيانها، وكل مجلس بلدي يوفد مندوبين لمجلس إقليمي، وكل مجلس إقليمي يوفد ممثلين للمجلس التشريعي الذي يهيمن على ما بين الأقاليم من علاقات وعلى شؤونها الخارجية. وكانت إلى ذلك الحد حكومة مثالية لأقطاب التجارة الذين كانت ثرواتهم تتضخم بنمو التجارة الهولندية. ولكن قوة أرستقراطية واحدة وقفت أمام أولجركية التجار هذه: ذرية وليم الأول (والصامت) أمير أورنج وناسو، الذي قاد البلاد في أحلك أيام كفاحها ضد أسبانيا، وكان المجلس التشريعي قد كافأه بلقب رئيس الدولة وبقيادة جيوشها، واستطاع أن يورث ذريته ذلك اللقب وتلك القيادة، وكانت الهيمنة على رجال الجيش قوة لا تفتأ تهدد بتحويل الجمهورية الأولجركية إلى ملكية