بدأت الدولية الجديدة بشحذ أدواتها. فطور بسكال وهوك وجويريكي البارومتر، واستطلعت مضخة جويريكي الهوائية إمكان إحداث الفراغ، وصنع جريجوري ونيوتن وغيرهما تلسكوبات أفضل من تلسكوبات كبلر وجليليو، واخترع نيوتن آلة السدس، وحسن هوك الميكروسكوب المركب، الذي أحدث انقلاباً في دراسة الخلية، وأصبح الترمومتر أوثق وأدق على يد جويريكي وأمونتونز، وفي عام ١٧١٤ أعطاه فارنهايت شكله الإنجليزي-الأمريكي باستخدامه الزئبق بدلاً من الكحول وسيطاً متمدداً، وقسم مقياسه عند الصفر، و٣٢ درجة و٩٦ درجة (التي افترض أنها حرارة جسم الإنسان الطبيعية).
أما أعظم الأدوات قاطبة فكانت الرياضيات، لأنها أضفت على التجربة شكلاً كمياً ومعياراً، ومكنتها بمئات الطرق من التنبؤ بالمستقبل بل السيطرة عليه. قال بويل "إن الطبيعة تلعب دور الرياضي" وضاف ليبنتز "أن العلم الطبيعي ليس إلا الرياضة التطبيقية (١٢) ". ويشيد مؤرخو الرياضيات بالقرن السابع عشر لأنه كان وافر الثمر في ميدانهم على الأخص، فهو قرن ديكارت، ونابيير، وكافالييري، وفيرما، وبسكال، ونيوتن، وليبنتز، وديزارج. وكانت السيدات المعطرات بالنبالة يختلفن إلى محاضرات الرياضة، وقالت "صحيفة العلماء" مازحة أن بعضهن جعلن تربيع الدائرة الجواز الوحيد لرضائهن (١٣)، ولعل هذا أن يفسر جهود هوبز الملحة في حل تلك المعضلة المحيرة.
وأنجب بيير دفيرما النظرية الحديثة للأعداد (دراسة أنواعها، وخصائصها، وعلاقاتها) وتخيل الهندسة التحليلية مستقلاً عن ديكارت-وربما قبله، واخترع حساب الاحتمالات مستقلاً عن بسكال، وسبق نيوتن وليبنتز إلى حساب التفاضل. ومع ذلك عاش مغموراً بعض الشيء في عضويته ببرلمان تولوز، ولم يدل بإسهاماته في الرياضة إلا في خطابات لأصدقائه-لم تنشر إلا سنة ١٦٧٩، بعد موته بأربعة عشر عاماً. وفي أحد هذه الخطابات نستشف انتشاءه