كانت الجغرافيا، والعرق، والدين، والسياسة، هي الأعداء الطبيعية لبولندة. ذلك أن هذا القطر كان يعدل فرنسا اتساعاً، إذ امتد عام ١٧١٥ من الأودر غرباً إلى ما يقرب من سمولنسك وكييف شرقاً، ولكن لم يكن له حد طبيعي-من جبال أو نهر عريض-على أي جبهة ليقيه شر الغزو؛ وقد اشتق اسم بولندة من كلمة " Pole" وهو السهل. ولم يكن لها سوى منفذ واحد إلى البحر-عند دانتزج، أما الفستولا الذي وجد له مصباً هناك، فلم يكن بالحد الذي يصلح للدفاع ضد بروسيا المجاورة. وقد افتقدت الأمة وحدة العراق، فكانت كثرة البولنديين البالغة ٦. ٥٠٠. ٠٠٠ نسمة (١٧١٥) في صراع متقطع مع الأقليات الألمانية واليهودية واللتوانية والروسية؛ وهنا التقى التيوتون والسلاف وجهاً لوجه في عداء طبيعي. ولم يكن هناك وحدة دينية: فالأغلبية الكاثوليكية الرومانية تحكم وتظلم "المنشقين"-وهؤلاء هم الآخرون منقسمون في نزاع وخصام بين بروتستنت وروم وأثرذكس ويهود. ولم يكن هناك وحدة سياسية، لأن سلطة السيادة التي حرص أصحابها على الاحتفاظ بها كانت في يد "السجم" أو "الديت"، المؤلف كله من نبلاء لكل منهم، بمقتضى حق النقض المطلق، سلطة إبطال مفعول أي اقتراح يقترحه الباقون كلهم، وإنهاء أي دورة، أو أي ديت منتخب، إن شاء. أما الملك فينتخبه الديت، وهو خاضع! "مواثيق" يوقعها شرطاً