كان مواطنو أثينة في القرن الخامس رجالاً متوسطي القامة، أقوياء البنية، ملتحين؛ ولم يكونوا كلهم من الوسامة كما صورهم فيدياس في فرسانه. وكانت النساء كما تراهُنَّ على المزهريات رشيقات الجسم، وتُظهرهن صورهن على الألواح الحجرية حِساناً ذوات وقار، وهن في التماثيل بارعات الجمال. أما نساء أثينة في حقيقة أمرهن فكن يضارعن في الجمال أخواتهن من نساء الشرق الأدنى ولا يفقنهن قط، وقد كانت عزلتهن التي تكاد تشبه عزلة النساء الشرقيات سبباً في نقص نموهن العقلي. واليونان يعجبون بالجمال أكثر مما تعجب به سائر الأمم، ولكن هذا الجمال لا يتمثل قط فيهن بأكمل معانيه، وكانت نساؤهم كغيرهن من النساء يرين أنهن لم يبلغن حد الكمال في هذه الناحية، ولهذا تراهن يزدن طولهن بنعال عالية من الفلين، ويصلحن ما في أجسامهن من العيوب بالحشايا، ويضغطن ما زاد فيها بالأربطة، ويرفعن أثداءهن بحاملات من القماش (١).
وشعر اليونان أسود عادة، والشعر الأشقر نادر، وإذا وجد كان موضع الإعجاب. وكانت كثيرات من النساء يصبغن شعرهن ليكسبنه هذه الشقرة أو ليخفين شيبهن إذا كبرن، وكان بعض الرجال يحذون حذوهن في هذا (٢٢). وكانوا جميعاً رجالاً ونساءً يدهنون رؤوسهم بالزيت، يستعينون به على نماء شعرهم ووقايته من تأثير الشمس؛ وكانت النساء يخلطن الزيت ببعض العطور
(١) يقص بلوتارخ قصة طريفة يقول فيها إن موجة من الانتحار سرت بين نساء ميليطس، ولكن هذه الموجة قضي عليها قضاءً تاماًً فجائياًً أمر أصدرته الحكومة يقضي بأن تحمل من تنتحر عارية الجسم إلى قبرها مارة بالسوق العامة.