"لا بد من القضاء على سلالة السادة العظام قضاء مبرماً. وأعني بالعظام أصحاب الألقاب والأملاك والعشور والمناصب والوظائف، الذين يتبوأون المقام الرفيع رغم أنهم بلا كفايات وأنهم ليسوا بالضرورة راشدين، فهم لذلك عديمو القيمة في كثير من الأحايين … وإني ألاحظ أن الناس يحافظون على سلالة من كلاب الصيد الأصيلة، ولكن متى تدهورت السلالة قضوا عليها"(١٥).
هؤلاء السادة بعينهم، والأغنياء، والمتكبرون، الذين لا وظيفة لهم في الغالب، هم بدأوا الثورة. ذلك أنهم كانوا ينظرون بحسرة إلى العهد الذي سبق ريشليو، يوم كان طبقتهم هي السلطة الحاكمة في فرسنا. وحين أكدت البرلمانات حقها في إبطال المراسم الملكية، انضم نبلاء الدم والسيف إلى نبلاء الرداء-وهم القضاة الوراثيون-في محاولة لإخضاع الملك. وهللوا لخطباء البرلمان الذي رددوا صيحة "الحرية" وشجعوا الشعب وكتاب الكراريس على التنديد بسلطة لويس السادس عشر المطلقة. وليس في وسعنا أن نلومهم على هذا، غير أنهم بإضعافهم سلطة الملك مكنوا ١٧٨٩ الجمعية التشريعية التي تهيمن عليها الطبقة البرجوازية من أن تستحوذ على السادة في فرسنا. وهكذا دق النبلاء أول مسمار في نعشهم.
[٢ - الفلاحون والثورة]
كان اكثر العمل الزراعي المؤدي على الخمسة والخمسين في المائة من أرض فرنسا الذي يمتلكه النبلاء ورجال الدين والملك، يؤديه محصصون يأخذون المواشي والأدوات والبزاز من المالك ويدفعون له نصف المحصول عادة. وكان هؤلاء المحاصصون بوجه عام فقراء معدمين حتى لقد حكم آرثر ينج على هذا النظام بأنه "لعنة البلاد بأسرها وخرابها"(١٦)، ومرد ذلك ضعف الحوافز أكثر من قسوة الملاك.
أما أغلبية الملاك الفلاحين الذين زرعوا خمسة وأربعين في المائة من الأرض فقد قضي عليهم بالفقر صغر مساحة أراضيهم، الأمر الذي حد