لم يكن منزل العصور الوسطى مريحاً كثيراً، فقد كانت نوافذه قليلة، وقلما كان بها ألواح زجاجية، وكانت، المصاريع الخشبية تغلفها لتمنع البرد ووهج الشمس وكان موقد يدفئ المنزل أو أكثر من موقد، وكانت التيارات الهوائية تدخله من مئات الثقوب التي في الجدران، وتجعل المقاعد ذات الظهور العالية نعمة كبرى. وكان من عادة سكانها أن يلبسوا في الشتاء قبعات وفراء مدفئة في داخل المنزل نفسه. وكان الأثاث قليلاً ولكنه جيد الصنع، والكراسي أيضاً قليلة، وكانت في العادة غير ذات ظهور، ولكنها كانت في بعض الأحيان محفورة حفراً جميلاً، ومنقوشاً عليها شارات أصحابها المميزة، ومطعمة بالحجارة الكريمة. وكانت معظم المقاعد تحفر في أبنية الجدران أو تبنى فوق صناديق في مظلات البساتين. وكانت الطنافس نادرة الاستعمال قبل القرن الثالث عشر، ولكن إيطاليا وأسبانيا كانتا تستعملانها، ولما إنتقلت إليانور القشتالية إلى إنجلترا في عام ١٢٥٤ للزواج من أدوارد الأول غطى خدمها أرض جناحها في وستمنستر بطنافس كما يفعل أهل أسبانيا ومن ثم انتشرت هذه العادة في إنجلترا. أما أرض البيوت العادية فكانت تنثر عليها الأعشاب أو القش، فكانت بعض البيوت لهذا السبب كريهة الرائحة إلى حد يأبى معه قس الأبرشية أن يزورها. وكانت أنسجة مزركشة تغطى بعض الجدران، لتزينها وتمنع عنها تيارات الهواء، ولتقسم بهو المنزل الكبير إلى حجرات صغيرة. وظلت بيوت إيطاليا وبروفانس تحتفظ بذكريات الترف الروماني، فكانت لذلك أوفر راحة وأكثر مراعاة