كان الأساس الذي يقوم عليه صرح هذهِ الدمقراطية وهذهِ الثقافة هو إنتاج الطعام والثروة وتوزيعهما بين الناس. ذلك أن من يقومون من الناس بحكم الدول، والبحث عن الحقيقة، وتأليف الألحان الموسيقية، ونحت التماثيل، وإبداع الصور، وتأليف الكتب، وتعليم الأطفال، وخدمة الآلهة، إنما يستطيعون هذا لأن غيرهم يكدحون لإنتاج الطعام، ونسج الثياب، وبناء المساكن، واستخراج المعادن، وصنع الأدوات النافعة، ونقل البضائع، واستبدال غيرها بها، أو تقديم الأموال اللازمة لإنتاجها أو نقلها. هذا هو أساس الدمقراطية والثقافة في كل مكان.
وعماد المجتمع كله هو الفلاح أفقر الناس فيه وألزمهم له. ولقد كان الفلاح في أتكا يستمتع على الأقل بحقوقهِ السياسية ذلك أن المواطنين وحدهم هم الذين كانوا يحق لهم أن يمتلكوا الأرض، وكان الفلاحون جميعهم تقريباً يمتلكون الأرض التي يفلحونها وكان نظام امتلاك العشيرة كلها للأرض قد اختفى، واستقر نظام الملكية الفردية وتوطدت أركانه. وكانت هذهِ الطبقة من صغار الملاك في أتكا، كما هي الآن في فرنسا وأمريكا، قوة محافظة تعمل على الاستقرار