ولد هذا الفنان في أسولا دي كارنورا Asola di Cartua القريبة من بدوا قبل مولد بتيتشيلي بثلاثة عشر عاماً. وعلينا أن نراجع في الزمن قليلاً إلى الوراء إذا شئنا أن نقدر أعمال منتينيا الجميلة حق قدرها. لقد قيد اسمه في نقابة المصورين في بدوا ولما يتجاوز العاشرة من العمر. وكان فرانتشيسكو أسكواراتشيوني Francesco Squaracione وقتئذ أشهر معلمي التصوير لا في بدوا وحدها بل في إيطاليا كلها. والتحق أندريا بمدرسته وبلغ من سرعة تقدمه أن أخذه أسكواراتشيوني قد تأثر كثيراً بالكتاب الإنسانيين، فجمع في مرسمه كل ما كان يستطيع الحصول عليه وينقله من بقايا الروائع القديمة في فني النحت والعمارة، وأمر تلاميذه أن يقلدوها المرة بعد المرة ويتخذونها نماذج للرسوم القوية، المتناسقة غير المسرفة. وأطاع منتينيا أمره في حماسة قوية، وعشق العاديات الرومانية، واتخذ أبطالها مُثُلاً عليا له؛ وبلغ من إعجابه بفنها أن جعل لنصف صوره خلفيات من فن العمارة الرومانية، وأن كانت نصف شخصياته أياً كانت الأمة التي ينتمون إليها والزمن الذي يعيشون فيه، ذات طابع روماني وكساء روماني. وأفاد فنه من افتتان الشباب هذا كما عانى منه الشيء الكثير. فقد تعلم من هذه المثل جلال التخطيط وهيبته، ونقائه وصرامته؛ ولكنه لم يخرر رسومه تحريراً كاملاً من هدوء الأشكال المنحوتة في الحجر، ولما قدم دوناتيلو إلى بدوا وكان منتينيا لا يزال غلاماً في الثانية عشرة من عمره شعر مرة أخرى بتأثير هذا المثال، كما أحس بدافع قوي نحو الواقعية. ثم إنه افتتن في الوقت عينه بعلم المنظور