وكان توم ناش صديق جرين أشد مؤلفي الكتيبات في عصر إليزابث سلاطة لسان وأكثرهم قراءً. وكان ابناً لمساعد قسيس، وضاق ذراعاً بالحشمة والوقار، وما أن تخرج في أكسفورد حتى أخذ يسرح ويمرح في لندن، ويكسب قوته بنفثات قلمه، وتعلم كيف يكتب بسرعة "قدر ما تسعفه يده". وألف في إنجلترا قصص المتشردين بادئاً بقصته "السائح المنكود الحظ"-أو حياة جاك ولتون (١٥٩٤). ولما مات جرين، وهاجم هارفي بعنف جرين وناش في كتيبه "أربع رسائل" ثأر ناش بسلسلة من الكتيبات بلغت الذروة في كتيب "خذ معك إلى سافرن والدن Saffron Walden مسقط رأس هارفي في ١٥٩٦:
"ابتهجوا أيها القراء، فلن أدخر وسعاً في أن أدخل عليكم السرور والبهجة … إن هذا لن يكلفني إلا انحرافاً عن الطريق المستقيم، ولكنه سيطرد من الجامعة مدحوراً … قبل أن أكف عنه … ماذا تمنحونني لو أني أتيت به إلى المسرح في أهم الكليات في كمبردج (١٤) ".
وعمر هارفي بعد هذه المحنة، وعمر بعد هؤلاء البوهيميين ومات في ١٦٣٠ عن خمسة وثمانين عاماً. وأكمل ناش رواية صديقة مارلو " Diod" واشترك مع بن جونسون في "جزيرة الكلاب" ١٥٩٧، واتهم بالتحريض على الفتنة، وانزوى في غمرة من الحرص والحذر، وتوج حياة العجلة بموت مبكر.
[٣ - فيليب سدني]
١٥٥٤ - ١٥٨٥
بعيداً عن هذا الحشد المخبول شق سدني طريقه في هدوء إلى نهاية أقرب، وإنا لتطالعنا صورته حتى اليوم في "قاعة الصور الوطنية" في لندن، حيث يبدو رقيقاً أكثر مما ينبغي للرجل أن يكون، نحيل الوجه، ذا شعر أسمر يضرب إلى الحمرة، وكما يقول لانجيه "ليس فيه شيء من إمارات التمتع بصحة جيدة (١٥)". وقال أوبري "كان آية في الجمال، لم تكتمل سمات الرجولة فيه كما ينبغي، ولكن يتميز بشجاعة عظيمة (١٦) ". وذهب بعض المتذكرين إلى أنه يداخله بعض الغرور (١٧)، وأنه بالغ في الكمال والدقة إلى حد التطرف، ولكن نهايته البطولية هي وحدها التي غفرت له فضائله.