نفوس الأقوياء، والسلوى في نفوس الضعفاء؛ وأصبح الأغنياء وهم عماد الدكتاتورية الألجركية حزباً متحداً يقف في وجه الفقراء المطالبين بالديمقراطية؛ ولكن الفقراء استولوا على زمام الحكم، وطردوا الأغنياء من البلاد، وجمعوا من بقي من أبناء الأغنياء في أماكن الدراس، وأطلقوا عليهم الثيران فداستهم بأقدامها وقضت عليهم جميعاً. ثم عاد الأغنياء وقبضوا على أزمة الحكم وطلوا جلود زعماء الديمقراطية بالقار وأحرقوهم أحياء (٣٩). وستقال عنا هذه القصة في مستقبل الأيام. ولما شرع كروسس في عام ٥٦٠ يخضع إلى حكم ليديا ساحل آسية الصغرى اليوناني، الممتد من نيدس إلى الهلسبنت (الدردنيل)، حافظت ميليتس على استقلالها بامتناعها عن مساعدة أخواتها من الدول اليونانية. ولكن قورش فتح ليديا في عام ٥٤٦، ولم يجد صعوبة كبيرة في الاستيلاء على مدن أيونيا التي مزقتها الانقسامات الداخلية، وضمها إلى الدول الفارسية، وانقضى بذلك عصر ميليتس المجيد. إن العلم والفلسفة في تاريخ الدول يصلان إلى غايتهما بعد أن يبدأ فيهما الانحلال، ذلك أن الحكمة نذير الموت.
[٢ - بوليكراتيز الساموسي]
على شاطئ الخليج في مقابل ميليتس، بالقرب من منافذ نهر الميندر Maender كانت تقوم بلدة ميوس المتواضعة أشهر مدائن البرييني Priene، وكان يسكنها في القرن السادس بياس Bias أحد الحكماء السبعة، ونقول سبعة وإن كان هرمبوس Hermippus يقول إنهم سبعة عشر، لأن اليونان اختلفوا في أسمائهم فوضع كل منهم أسماء غير التي وضعها الآخر. ولكن معظمهم متفقون على طاليس، وصولون؛ وبياس، وبتكوس Pittacus الميليتي، وبريندر الكورنثي، وشيلون Chilon الإسبارطي، وكليوبولوس Cleobolus اللندي (Lindus) من أعمال رودس. وكانت بلاد اليونان تعظّم الحكمة كما