ترى أي صنف من الرجال كان هذا الرجل أمير الفن؟ إن لدينا عدة صور يقال إنها تمثله، ولكن ليس منها واحدة تمثله قبل سن الخمسين. على أن فاساري يحدثنا بحماسه غير مألوفة عن "جمال جسمه الذي لم يوفه إنسان حقه من المديح" كما يتحدث "عن روعة مظهره الذي يبلغ أقصى حدود الجمال، والذي كان بخلع حلة من الصفاء على كل نفس حزينة "؛ غير أن فاسارى لا يحدثنا إلا بما كانت تتداوله الألسنة من الشائعات، وليست لدينا صورة ما تمثل هذه المرحلة من عمره التي بلغ فيها الغاية القصوى من الجمال. وكان ليوناردو حتى وهو في سن الكهولة يطيل لحيته، ويعنى بتعطير جسمه وعقص غدائر شعره. وتكشف إحدى الصور التي رسمها ليوناردو لنفسه، وهي الآن في المكتبة الملكية بونزر Windsor، عن وجه عريض لطيف، وشعر طويل مسترسل، ولحية كبيرة بيضاء. وتظهره صورة فخمة في معروض أفيزى من يد فنان غير معروف ذا وجه قوي، وعينين فاحصتين نافذتي النظرات، وشعر أبيض، ولحية بيضاء، وقبعة سوداء ملساء. وتقول بعض الروايات المأثورة، كما يقول العلماء، إن الصورة العظيمة التي رسمها روفائيل لأفلاطون في مدرسة أثينا إنما هي صورة ليوناردو نفسه (٣٤أ). وثمة صورة طباشيرية له من صنعه محفوظة في معرض تورين Turin يظهر فيها أصلع الرأس إلى منتصف رأسه، مغضن الجبهة، والخدين، والأنف، يكاد شعره يغطي عليه. ويبدو أنه شاخ قبل الأوان، وأنه مات في السابعة والستين من عمره، رغم اقتصاره في طعامه على الخضر، مع أن ميكل أنجيلو، الذي كان يسخر بالقواعد الصحية، والذي تناوبته