العلل والأوجاع، عمّرَ حتى بلغ التاسعة والثمانين. وكان يرتدي الملابس الفخمة، على حين أن مايكل أنجيلو كان مهلهل الثياب. وكان ليوناردو مشهوراً بصباه بقوة عضلاته، فكان يثني حذاء الفرس بيديه، وكان مثقفاً ماهراً، يجيد ركوب الخيل وترويضها، وكان يحبها ويراها أنبل الحيوانات وأجملها. والظاهر أنه كان يرسم ويصور بالألوان، ويكتب بيده اليسرى، وكان هذا هو الذي جعله يكتب من اليمين إلى اليسار لا رغبته في أن يجعل ما يكتبه متعذر القراءة.
ولقد أشرنا من قبل إلى أن اللواط لم تكن متأصلة فيه، بل نشأة من الصلة غير المحببة التي كانت قائمة بين زوجة أبيه المثقلة الظهر وبين ابن غير شرعي لزوجها من غيرها. ولهذا فإن حاجته لأن يعطف الناس عليه ويعطف عليهم قد وجدت ما يشبعها في الشبان الحسان الذين جمعهم معه فيما بعد. وكان يرسم من النساء أقل ما يرسم من الرجال، ولم يكن ينكر جمالهن، ولكن يبدو أنه كان يشارك سقراط في تفضيل الغلمان عليهن، وشاهد ذلك أننا لا نجد في ثنايا مخطوطاته الكثيرة كلمة حب أو عطف واحدة على النساء، غير أنه كان يفهم حق الفهم كثيراً من طباع النساء المختلفة، ولم يفقه أحد تصوير رقة العذارى، ولهف الأمهات، ودهاء النساء. ولعل إحساسه المرهف، وتلاعبه الخفي بالألفاظ والقواعد، وإغلاق مرسمه بقفلين أثناء الليل قد انبعثت كلها من إدراكه لشذوذه وخوفه أن يتهم بالإلحاد. ولم يكن حريصاً على أن تقرأه كثرة الناس، وقد كتب في ذلك يقول:" إن الحقائق غذاء أعلى للعقول الراجحة لا للإفهام المتأرجحة"(٢٥)
ولعل شذوذه الجنسي قد أثر في نواحي أخرى من أخلاقه، فقد كان مثال الرأفة والرقة في معاملته أصدقائه، ولم يكن يطيق قتل الحيوان، و (لا يسمح لإنسان أن يؤذى أي كائن حي)(٢٦)؛ وكان يشتري الطيور