للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١ - الشعب الفرنسي]

كانت فرنسا هي أكثر أمم أوروبا سكاناً وأشدها ازدهاراً، فقد كان عدد سكان روسيا في سنة ١٧٨٠ هو ٢٤ مليون نفس، وإيطاليا ١٧ مليونا، وأسبانيا ١٠ ملايين وبريطانيا العظمى ٩ ملايين، وبروسيا ٨،٦ ملايين، والنمسا ٧،٩ ملايين، وأيرلندا ٤ ملايين، وبلجيكا، ٢،٢ مليون، والبرتغال ٢،١ مليون، والسويد ٢ مليون، وهولندا ١،٩ مليون، وسويسرا ١،٤ مليون، والدنمرك ٨٠٠،٠٠٠، والنرويج ٧٠٠،٠٠٠ بينما كان عدد سكان فرنسا ٢٥ مليوناً. وكانت باريس هي أكبر مدن أوروبا إذ بلغ عدد سكانها حوالي ٦٥٠،٠٠٠ نفساً، كانوا هم الأفضل تعليما في أوروبا كلها، كما كانوا أكثر أهل أوروبا قابلية للهياج والثورة.

وكان الشعب الفرنسي مقسما إلى ثلاث طبقات: طبقة الإكليروس clergy أو رجال الدين وكان عددهم يبلغ نحو ١٣٠،٠٠٠ نفساً، وطبقة النبلاء وكان عددهم يبلغ نحو ٤٠٠،٠٠٠، وطبقة العامة وهي الطبقة التي لا ينتمي أفرادها لواحدة من الطبقتين السابق ذكرهما. وكانت الثورة الفرنسية هي المحاولة التي بذلتها هذه الطبقة الثالثة (العوام) التي كانت مهضومة الحقوق السياسية رغم ازدهارها الاقتصادي، بغية الوصول إلى ما يتلاءم مع ثروتها النامية من سلطان سياسي وقبول اجتماعي. وكانت كل طبقة من هذه الطبقات السابق ذكرها منقسمة بدورها إلى طبقات أو شرائح يعلو بعضها الآخر حتى إن كل فردٍ تقريبا كان يمكنه أن ينعم بالنظر إلى من هم دونه، أو بتعبير آخر كان في مكنة كل شخص تقريبا أن ينظر من عَلِ إلى أشخاص هم دونه.

وكانت طبقة الهيئة الكهنوتية الكنسية - من كاردينالات ورؤساء أساقفة وأساقفة ورؤساء أديرة - هي أغنى الطبقات جميعاً، بينما كان القسس ومساعدوهم Pastors & Curates في الريف الفرنسي من بين أفقر خلق الله. ومن هنا وجدنا أنه في أثناء الثورة انضم الإكليروس من الرتب الأدنى درجة (كالقسس والرعاة السابق ذكرهم) إلى عامة الشعب ضد سادتهم، وبذا طغى العامل الاقتصادي على العامل الديني (**) وكانت الحياة في الأديرة