البيان يعبر عن آمال المتآمرين النابوليتانيين، وربما كان سبباً في احتجاز كمبانللا في السجن طويلاً، على أنه تصالح مع الكنيسة في الوقت المناسب فأفرج عنه. وقد أدخل السرور على قلب أرمان الثامن بتوكيده، على حق البابوات في حكم الملوك. وفي ١٩٣٤ أرسله أرمان إلى باريس لينقذه من التورط في ثورة نابوليتانية أخرى ورعاه ريشليو وحماه. ولكن الثائر المنهوك، بعد أن استرد شبابه فارق الحياة وهو في صومعته في دير الدومنيكان (١٦٣٩)، وكان يقول:"أنا الناقوس-كمبانللا-الذي يؤذن ببزوغ الفجر الجديد (٤٦) ".
[٤ - الفلسفة والسياسة]
أ - جوان دي ماريانا
١٥٣٦ - ١٦٢٤
كان محور السياسة في العصور الوسطى تثبيت سيطرة البابا على الملوك لجمعهم وتوحيدهم كلهم تحت رايته. أما أبرز مظاهر التاريخ السياسي الحديث فهو صراع الدول القومية التي تحررت من سلطة البابا. ومن ثم كانت أول قضية شغلت بال الفلسفة السياسية في القرن الذي جاء في أعقاب الإصلاح الديني، هي أن المفكرين الكاثوليك كانوا يطالبون باستعادة سلطان البابا، على حين طالب المفكرون البروتستانت بالقضاء على سيطرة البابا قضاءً تاماً، وكان أنصار البابوية يحاجون بأن الملكية المطلقة التي تطالب بحقوق الملوك الإلهية وتنكر كل الضوابط والقيود التي يفرضها الدين والأخلاق والقانون؛ قد تمزق إرباً إرباً، ولكن دعاة الإصلاح ردوا على هذا بقولهم بأنه ليس ثمة سلطة "فوق قومية"(تتخطى الحدود القومية) يمكن أن توثق في سعيها لتحقيق خير البشرية، بل أنها على الأرجح لا بد أن تسعى لتدعيم قوتها الخاصة ونفعها الخاص هذا بالإضافة إلى أن الكنيسة ذات سلطة عليا تخنق كل حرية الحياة وحرية الفكر.