عاشت أمه بعده خمسة عشر عاما وماتت من عمر يناهز السادسة والثمانين. وتكاد تكون حياتها موجزا للأمومة في مراحلها المختلفة: زوج غير دائم الإقامة في البيت، أطفال كثيرون، أفراح وأحزان، إنجاز وحرمان، فزع ووحدة، دهشة وأمل. لقد رأت كل انتصارات أبنائها، وظلّت ليوم قد يحتاجون فيه إليها. "من يدري غيري، فربما يأتي يوم يتعيَّن عليَّ فيه أن أُقدِّم لكل هؤلاء الملوك؟ ". لقد ظلّت تعيش باعتدال (بلا إسراف) لآخر عمرها، وكان البابا يحميها ويجلّها، مع أنّ ابنها قد أساء معاملته. وكانت من الناحية العرقية أقوى آل بونابرت وأصحَّهم عقلا.
أما جوزيف - ابنها الأكبر - فكان مُولعاً بالكتب والمال وتزوّج زواجا سعيدا من جولي كلاري Julie Clary وقد أحبه أخوه الإمبراطور وكلّفه بمهام، وخدم جوزيف أخاه (نابليون) بكل قدراته المحدودة، ولجأ إلى أمريكا بعد انهيار الإمبراطورية وعاد إلى أوربا حيث عاش بهدوء في منطقة ريفية بجوار جنوا، ومات في فلورنسا في سنة ١٨٤٤ وهو في السادسة والسبعين من عمره.
أما لوسيا Lucien، فبعد أن ترقى في ظل حكومة الإدارة وبعد أن ساعد أخاه (نابليون) في الإطاحة بها، عارض دكتاتورية نابليون، وتزوّج ضد الرغبة الإمبراطورية، وابتعد عن الصراع من أجل السلطة، وأصبح أميرا باباويا، وأبحر إلى أمريكا فأسرته سفينة بريطانية وتم التحفظ عليه في إنجلترا، ووجد طريقه إلى جانب نابليون في الأيام المائة (بعد عودة نابليون من إلبا) ودافع عنه في المجلسين، وهرب إلى روما بعد تنازل أخيه عن العرش للمرة الثانية، ومات في فيتربو Viterbo في سنة ١٨٤٠.
أما لويس بونابرت فبعد أن تخلّى عن عرش هولندا، وانفصل عن هورتنس Hortense -