أن شرب جيمس نخب البروتستانتية وتعهد بالتزامها، اعترف مجلس شورى الملكة إليزابث به وريثاً للتاج الإنجليزي، عن طريق أمه ماري. وبعد مضي أربعة أيام على وفاة إليزابث، بدأ جيمس (٥ أبريل ١٦٠٣) رحلة بهيجة مرحة من أدنبرة إلى لندن، وتوقف، متمهلاً، في الطريق، ليحتفي به النبلاء الإنجليز، وفي ٦ مايو وصل إلى لندن التي أخذت زخرفتها وزينت للترحيب به-انحنت الجماهير له، وقبل اللوردات يديه. وبعد ألف سنة من صراع عقيم لا غناء فيه اتحدت الأمتان (ولم يتحد البرلمان قبل ١٧٠٧) وهكذا كان عقيم إليزابث نافعاً مثمراً.
[٢ - جيمس الأول ملك إنجلترا]
١٦٠٣ - ١٦١٤
أي صنف من الرجال كان قد أصبح جيمس في سبع وثلاثين سنة؟ كان متوسط القامة، ذا رجلين ضعيفتين، وكرش صغير، يرتدي سترة ضيقة وبنطلوناً محشوين أو مبطنين حتى يمنعا وصول نصال السفاحين إلى جسمه، وكان شعره ذا لون أسمر بني، وخلداه متوردين، وأنفه مكور، تشع من عينيه الزرقاوين نظرات الارتياب والحزن، وكأنما كان الرب خجلاً من جسمه. وكان كسولاً نوعاً ما، فآثر الراحة من عناء العمل، اعتماداً منه على إليزابث، وكانت لغته فظة، يتميز له وتسليته بالخشونة، وكان يتمتم ويتلعثم كثيراً، وكثيراً ما كان لسانه الخشن يفلت بغير حساب، وكان مزهواً كريماً، جباناً مخادعاً، لأنه كثيراً ما تعرض للخطر، وخدع وغرر به، مستعداً لتبادل الإساءة، وليصفح ويلتمس الصفح، من ذلك أنه عندما أنكر جون جب أنه ضيع بعض الوثائق الهامة، فقد جيمس صوابه، وركله بقدمه، فلما عثر على الأوراق، جثا أمام معاونه الذي أخزاه وأذله، وأبى أن ينهض حتى يصفح عنه جب. وكان متسامحاً وسط جو من التعصب وعدم التسامح. وكان في بعض الأحيان صلباً قاسياً، ولو أنه عادة حنون عطوف. وكان يرتاب في ابنه هنري لشعبيته البالغة، ويحب ابنه شارل إلى حد الحمق. ولم تشب علاقته بالنساء أية شائبة، ولكنه كان ميالاً إلى ملاطفة الشبان الوسيمين. وكان يؤمن بالخرافات، كما كان عالماً. وكان سخيفاً لاذعاً، يؤمن بالعفاريت والسحرة في الوقت الذي يعطف فيه على بيكون وجونسون، يحسد العلماء،