شهدت العلوم عصراً من أزهى عصورها في عصر نابليون لقد كان هو نفسه أوّل حاكم في التاريخ الحديث تلقى تعليماً علمياً، وربما لم يتلق الإسكندر تلميذ أرسطو مثل هذه الخلفية العلمية العميقة التي تلقاها نابليون. لقد كان الفرانسيسكان Franciscan الذين علّموه في المدرس العسكرية في برين Brienne يعلمون أن العِلْم أكثر فائدة من اللاهوت لكسب المعارك، فدرَّسوا للكورسيكي Corsican الشاب كل ما كانوا يعلمونه في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والجغرافيا. وعندما وصل للسلطة أعاد التقليد الذي كان على أيام لويس الرابع عشر، بتقديم جوائز مالية وعَيْنية لمن حققوا إنجازات ثقافية وقد قدّم معظم هذه الجوائز للعلماء مستوحياً بذلك خلفيته العلمية، ومرة أخرى حذا حذو من سبقه فوسّع مجال عطاياه ليشمل غير الفرنسيين،
ففي سنة ١٨٠١ دعا المعهد العلمي الفرنسي باسمه العالم أليساندرو فولتا Alessandro Volta للحضور إلى باريس ليعرض نظرياته عن التيار الكهربائي، وحضر فولتا بالفعل وحضر نابليون ثلاث محاضرات من محاضراته وقدَّم لهذا الفيزيائي الإيطالي ميدالية ذهبية. وفي سنة ١٨٠٨ أعطى جائزة الاكتشافات في مجالي الكيمياء الكهربيّة لهمفري ديفي Humphry Davy الذي حضر إلى باريس لتسلّمها رغم أن فرنسا وانجلترا كانا في حالة حرب. وكان نابليون يدعو بشكل دوري علماء المعهد العلمي الفرنسي ليجتمعوا به ليقدموا له تقريراً عن الأعمال التي قاموا بها أو الجاري العمل فيها في مختلف مجالات تخصصهم. وفي أحد هذه الاجتماعات، في ٢٦ فبراير سنة ١٨٠٨ تحدث سكرتير المعهد كوفييه Cuvier ببلاغة كلاسيكيّة رصينة كبلاغة بوفوّن Buffon وكان يحق لنابليون أن يشعر أن العصر الذهبي للنثر الفرنسي قد عاد من جديد.
لقد تفوق الفرنسيون في العلوم البحتة مما جعل فرنسا أكثر الأمم عقلانية وتشكّكاً، أما الإنجليز فشجعوا العلوم التطبيقية وطوّروا الصناعة والتجارة والثروة. مما جعلهم سادة العالم