به ليسترد المدن التي استسلمت للبابا. وفر جيش البابا أمامه وفتحت له المدن أبوابها، ولم يقاوم منها إلا سورا Sora فضرب عليها الحصار حتى استولى عليها عنوة وأشعل فيها النار فدمرتها تدميراً. ووقف فردريك عند حدود الولايات البابوية، وأرسل إلى البابا يدعوه إلى الصلح، فأجاب البابا دعوته ووقعا معاهدة سان جرمانو San Germano (١٢٣٠) ، وألغى قرار الحرمان ورفرف لواء السلم إلى حين.
[٢ - أعجوبة العالم]
ثم وجه فردريك عنايته للشؤون الإدارية، فأخذ يعالج من مقره في فجيا Foggia من أعمال أبوليا Apulia مشاكل دولته التي اتسعت فوق ما ينبغي أن تتسع. وزار ألمانيا في عام ١٢٣١ وأيد في "قانون لمصلحة الأمراء" ما كان هو وولده قد منحه من سلطان البارونات؛ وذلك بأنه كان يرضي أن يسلم ألمانيا للإقطاع إذا كان تسليمه يتيح له السلم التي تمكنه من أن ينفذ ما يريده لإيطاليا، ولعله أدرك أن معركة بوفين قد أنهت زعامة ألمانيا لأوربا، وأن القرن الثالث عشر هو عصر فرنسا وإيطاليا؛ وقد جوزي على إهماله شؤون ألمانيا بتمرد ابنه وانتحاره.
واستطاع أن يؤلف بين عواطف الصقليين المتعددة وينشئ منها صرحاً من النظام والرخاء يعيد إلى الأذهان مجدها في أيام روجر الثاني. فقد ألقى القبض على المسلمين الثائرين المعتصمين بالجبال، ونقلهم إلى إيطاليا، ودربهم ليجعل منهم جنوداً مرتزقة، فأصبحوا خير من يعتمد عليهم في جيش فردريك. وفي وسعنا أن نتصور غضب البابوات حين يرون الجنود المسلمين يقودهم الإمبراطور ويحارب بهم جنده. وظلت بالرم حتى ذلك الوقت عاصمة الصقليتين من الوجهة القانونية، ولكن فجيا كانت هي العاصمة الحقيقية. وكان فردريك يحب إيطاليا حباً لا يعادله حب معظم الإيطاليين، وكان يعجب كيف يقدر يهود فلسطين هذا التقدير العظيم وإيطاليا على ظهر الأرض؛ وكان يسمى إيطاليا الجنوبية "قرة عينه وملجأ وسط السيول،