وبعد سبعة اشهر من ذلك الوقت أبحر فردريك إلى فلسطين (١٢٢٨) وهو لا يزال مطروداً من حظيرة الدين. فلما سمع جريجوري بوصوله بلاد الشام أحل رعايا فردريك وابنه هنري من يميني الولاء لهما، وأخذ يعمل لخلع الإمبراطور. وعد نائب فردريك في إيطاليا هذه الأعمال إعلاناً للحرب من جانب البابا، فهاجم الولايات البابوية. ورد جريجوري على هذا العمل بأن أرسل جيشاً لغزو صقلية، وأشاع الرهبان أن فردريك قد مات؛ وما لبث جزء كبير من صقلية وإيطاليا الجنوبية أن سقط في يدي البابا. ووصل مندوبان عن البابا من رهبان الفرنسسكان مدينة عكا بعد أن وصلها فردريك بزمن قليل، وحرما على كل رجل في صفوف المسيحيين أن يطيع أمر الرجل الطريد. ودهش الكامل قائد جيوش المسلمين إذ وجد حاكماً أوربياً يعرف اللغة العربية، ويقدر الآداب والعلوم والفلسفة العربية أعظم التقدير، فعقد صلحاً مواتياً مع فردريك، دخل على أثره الإمبراطور بيت المقدس فاتحاً دون أن يريق في هذا الفتح قطرة دماء. ولم يجد فردريك من رجال الدين من يرضى بتتويجه ملكاً على بيت المقدس فما كان منه إلا أن توج نفسه كنيسة الضريح المقدس. وأعلن أساقفة قيصرية أن وجود فردريك في الضريح والمدينة قد دنسهما، فحرما إقامة الخدمات الدينية في بيت المقدس وعكا. وترامى إلى بعض فرسان المعبد أن فردريك يعتزم زيارة المكان الذي يقال إن المسيح قد عمد فيه في نهر الأردن؛ فبعث برسالة سرية إلى الكامل يقول فيها إن الفرصة قد واتته لأسر فردريك. فما كان من القائد المسلم إلا أن بعث بالرسالة إلى فردريك. وأراد الإمبراطور أن ترفع اللعنة عن بيت المقدس فغادرها في اليوم الثالث بعد التتويج وسافر إلى عكا، وفيها أخذ عامة المسيحيين يلقون عليها الأقذار وهو خارج منها إلى سفينته (٢٩).
ولما وصل فردريك برنديزي جيش فيها من فوره جيشاً جديداً. وزحف