إن الذين ربوا منا على المؤرخين الإنجليز قد ينسون بسهولة أن أسبانيا كانت بعد هزيمة الأرمادا، كما كانت قبلها، أعظم الإمبراطوريات على وجه الأرض وأعتاها وأكثرها اتساعاً، وأنها اعتبرت نفسها - ولها العذر - أرقى من إنجلترا الإليزابيثية في الأدب، ومن إيطاليا المعاصرة في الفن. فحين ارتقى فيليب الثاني العرش (٢٥٥٦) كانت الملكية الإسبانية، وروسيون، وفرانش كونتيه، وسته، وأوران، والاراضي المنخفضة، ودوقية ميلان، ومملكة نابلي، وصقلية، وسردانيا، والفلبين، وجزر الهند الغربية، ومعظم أمريكا الجنوبية، وجزءاً من أمريكا الشمالية، وكل أمريكا الوسطى، يضاف إلى هذا (١٥٨٠ - ١٦٤٠) البرتغال والأملاك البرتغالية، في آسيا، وأفريقيا، والبرازيل، كذلك محمية في سافوي، وبارمان وتوسكانيا، وحلف مع الامبراطورية الرومانية المقدسة التي حكمها فرديناند الأول عم فيليب. وكانت اسبانيا تمتلك جيشاً عدته خمسون ألف مقاتل اشتهروا بالبسالة وحسن النظام، تحت امرة افضل قواد العصر، واسطولا من ١٤٠ سفينة، ودخلا سنوياً يبلغ عشرة أمثال دخل إنجلترا. وكان ذهب أمريكا وفضتها يتدفقان على الموانئ الأسبانية. أما البلاط الأسباني في هذا العصر كافخم بلاط في العالم، وأما الأرستقراطية الاسبانية فأشد الارستقراطيات كبرياء وعجباً. وكان