ورضى رجال الأعمال بحكم مجلس الشيوخ لأنهم كانوا أكثر من الأشراف استعداداً لاستغلال موارد الولايات، وبهذا تم "ائتلاف الطبقات" أو تعاون الطبقتين العاليتين وهو المثل الأعلى الذي كان ينادي به شيشرون والذي أصبح حقيقة واقعة في شبابه؛ فقد اتفقت الطبقتان على الاتحاد والغزو. وكان رجال الأعمال ووكلاؤهم المعتدون يملأون أروقة رومه وطرقاتها، وتغص بهم أسواق الولايات وحواجزها. وكان رجال المصارف يصدرون خطابات الاعتماد إلى الهيئات المالية المرتبطة بهم (١٣)، ويقرضون المال لكل غرض من الأغراض حتى لخوض غمار الحياة السياسية. وكان التجار يتذبذبون بين العامة والأشراف فيعينون بنفوذهم الأولين إذا زادت أنانية الشيوخ، ثم يعودون إذا حاول الزعماء الديمقراطيون أن يبروا بوعودهم التي قطعوها للطبقات الفقيرة قبل الانتخاب.
ويعد كراسس Crassus، وأتكس Atticus ولوكلس Lucullus نماذج صادقة لمظاهر الثراء الروماني الثلاثة: الحصول عليه، والمضاربة به، ثم استخدامه للتنعم والترف. كان ماركس ليسينيوس كراسس Marcus Licinius Crassus ينحدر من أسرة شريفة. فقد كان أبوه خطيباً مصقعاً ذائع الصيت، وقنصلاً، ورقيباً، حارب إلى جانب صلا ثم فضل الانتحار على التسليم لماريوس. وكافأ صلا ابنه بأن سمح له بشراء أملاك المحكوم عليهم المصادرة بطريق المساومة. وكان ماركس في شبابه قد درس الأدب والفلسفة، واشتغل بجد في الأعمال القضائية، ولكن رائحة المال أسكرته في تلك الأيام الأخيرة، فأنشأ فرقة لإطفاء الحريق- وكان ذلك عملاً جديداً لم تألفه رومه من قبل.