إنجلترة وبروسيا كاترين مرة أخرى على عقد الصلح على أساس الاحتفاظ بكل الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في الحرب؛ ولكنها أبت؛ ذلك أن استيلاءها على أوشاكوف كان قد فتح الطريق أمام روسيا إلى البحر الأسود، فهي لا تريد أن تتخلى عن هذا الكسب الحيوي. ثم إن قوادها كانوا يسيرون من نصر إلى نصر، وتوجوا انتصاراتهم باستيلاء سوفوروف وبوتمكين على مدينة اسماعيل (٢٢ ديسمبر ١٧٩٠)؛ وقد خسر الروس في سبيل الاستيلاء على هذا المعقل التركي الواقع على الدانوب عشرة آلاف مقاتل، وخسر الترك ثلاثين ألفاً. وبعد هذه الوليمة الدموية انتكس بوتمكين الذي أنهكته الحرب إلى ضرب من الكسل المترف والسفاح المخزمي مع بنات أخيه؛ وفي ١٥ أكتوبر ١٧٩١ مات على طريق قريب من ياسي. وأغمى على كاترين ثلاث مرات في اليوم الذي سمعت فيه بنبأ موته.
وفي مارس ١٧٩١ اقترح وليم بت الابن على البرلمان إرسال إنذار نهائي إلى روسيا يطالبها بأن ترد لتركيا كل الأقاليم التي استولت عليها في الحرب الراهنة، واقترح إرسال أسطول بريطاني إلى البلطيق نذيراً بالحرب. ولم تجب كاترين، أما البرلمان فقد ثنى بت عن إنفاذ مشروعه حين سمع التجار البريطانيون يتحسرون على ضياع تجارتهم مع روسيا. وأما تركيا فقد كفت عن الصراع بعد أن أنهكتها الحرب، فوقعت في جاسي (٩ يناير ١٧٩٢) معاهدة ثبتت سيطرة روسيا على القرم وحوضي دنيبر وبوج. وهكذا لم تصل كاترين إلى الآستانة، ولكنها بلغت ذروة حياتها كأقوى حاكم في أوربا، وألمع امرأة في قرنها.
[٧ - المرأة]
أكانت امرأة، أم هولة؟ رأينا أنها في مستهل حكمها كانت فاتنة الجسد، وفي عام ١٧٨٠ كانت قد سمنت، ولكن هذه السمنة لم تفعل بها شيئاً إلا إضافة الثقل إلى العظمة. وقد وصفها الأمير دلين (الذي كان من أوائل من لقبوها "الكبرى"(٨٤) وصفاً مهذباً فقال: