وفي هذه الأثناء كانت تركز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد يثير النزاع الأبدي بين الطبقات في جميع أنحاء اليونان. وكان من أثر هذا التركز في إسبارطة أن بذلت محاولتان لإصلاح الحال بإحداث انقلاب تام في أحوال تلك المدينة. لقد استطاعت إسبارطة بفضل عزلتها بين الحواجز الجبلية أن تحافظ على استقلالها، وأن تصد جيوش مقدونية، وتهزم جيش بيروس (٢٧٢) الضخم ببسالة أبنائها وشدة بأسهم. ولكن نهم الأقوياء أحدث في داخل البلاد من الخراب ما لم تقوَ جيوش الأعداء على إحداثه فيها من الخارج. فقد ألغي قانون ليقورغ الذي كان يمنع انتقال الأرض من أيدي ملاكها بالبيع أو تقسيمها بالوصية (١)، واستخدم الإسبارطيون ما عاد عليهم من الثروة بطريق الإمبراطورية أو الحرب في شراء هذه الأراضي من أصحابها (٣٣). وما وافت سنة ٢٤٤ حتى آلت أراضي لكونيا الزراعية التي تبلغ مساحتها ٧٠٠. ٠٠٠ فدان إلى مائة أسرة لا أكثر (٣٤)، وحتى لم يحتفظ بحقوق المواطنية إلا سبعمائة رجل، وحتى هؤلاء السبعمائة لم يكونوا يُطعمون مجتمعين كما كانوا يُطعمون من قبل. ذلك أن الفقراء لم يستطيعوا تقديم قسطهم من الطعام، وأن الأغنياء كانوا يفضلون ولائمهم الخاصة. وحلت الفاقة بمعظم الأسر التي كانت من قبل تستمتع بالحقوق السياسية، وأخذت تطالب بإلغاء الديون وإعادة توزيع الأراضي على الأهلين.
(١) ولعل سبب إلغاءه أنه أدى إلى تحديد عدد أفراد الأسرة، كما حدث في فرنسا الحديثة.